الجمعة، 2 يونيو 2017

رأيت فيما يرى النائم







نمت مبكرا فحلمت، ورأيت في الحلم أنني كتبت عشرة مقالات في حب وزير الثقافة، أقصد الوزير الحالي والذين سبقوه، وعلى رأسهم بالطبع "الوزير الفنان". وقد نُشرت المقالات في الصحف المصرية وفوقها صورتي وأنا أبتسم ابتسامة كبيرة إرضاء للجماهير التي لا تقرأ لكنها تكتفي بالفرجة على الصور، خصوصا الفتيات الحلوات اللاتي لا يعجبهن سوى "الناقد المبتسم"!
وبعد نشر المقالات انهالت علي العروض للكتابة في صحف أخرى مرموقة داخل وخارج مصر فكتبت قصائد حب في الدكتور جابر عصفور وجابر نصار وجابر القرموطي، وتوفيق عكاشة وعبد الرحيم علي، وأخص بالذكر، "الدكتور" خالد عبد الجليل، الذي شكرته كثيرا على تحقيق حلمي القديم بأن تصبح وظيفة الرقابة على السينما، تصنيف الأفلام حسب أعمار المشاهدين- والأعمار بيد الله- لا المنع أو الحذف. وقد استجاب الدكتور خالد وقرر عرض فيلم "الصمت" لسكورسيزي منقوصا منه فقط 20 دقيقة.. وأصر على منع فيلم "آخر أيام المدينة" بسبب عنوانه التشاؤمي، وباعتباره فيلما يدعو للاكتئاب بينما نحن نرقص احتفالا بالإنجازات.
كتبت- في الحلم أيضا- برقية تهنئة للسيد الرئيس على الانجازات التي تحققت في عهده وخاصة تعويم الجنيه المصري بحيث أصبح الدولار يشتري حوالي عشرين جنيها مصريا، أي أن المليونير الدولاري من أمثالي، يمكنه أن يفك الألف دولار مثلا، بعشرين ألف جنيه، كما أرسلت برقيات تهنئة إلى رئيس الوزراء وشيخ الأزهر ومدير الأمن العام ورئيس رابطة الطرق الصوفية وجميع الاخوة الصالحين من أحزاب السفليين، على ضبطهم إيقاع الحياة بحيث لا تتسلل إليها أبدا أكاذيب العلم الكافر.
لم أكتف بهذا بل كتبت تهنئة لنقيب السينمائيين، وجميع رؤساء مهرجانات السينما في مصر، السابقين واللاحقين، وشكرت جميع نقاد السينما المصريين لدورهم البارز جنبا إلى جنب، مع الدولة، في الحرب على السينما، فهي جزء لا يتجزأ من الحرب على الإرهاب.
في الحلم، طلب مني الكثيرون الظهور في برامج التوك شو الفضائية، فوجدت نفسي أنتقل من قناة إلى أخرى، أحمل في سيارتي بذلات وربطات عنق وقمصان كثيرة أغيرها في كل مرة حتى لا يصاب الجمهور بالملل. أخذت أشيد في كل القنوات بكل الأفلام الرديئة التي سبق أن انتقدتها، وأولها فيلم "المساخر"، واعتبرت ظاهرة "الجزارين" في السينما المصرية أعظم ظاهرة في العصر الحديث، واخترت أشرف عبد الباهي أفضل ممثل، وأجمد ممثلة نادية الجوندي. ثم أصبح عندي أيضا برنامج سينمائي أقوم بتقديمه أستضيف فيه نادية وعسرا والتهام ومنتج أفلام الكفتة محمد المعتدل، بشكل منتظم باعتبارهم من كبار النجوم في كل العصور.
أحدثت هذه البرامج أصداء رائعة فقد تلقيت اتصالات تليفونية من جميع النجوم وأشباه النجوم، يشكروني ويدعوني إلى حفلات العشاء وأعياد الميلاد والزواج، والذي منه، وحظيت بشرف اتصال خاص من النجم التليفزيونجي اللامع أحمد ناموسة، الذي وعدني باتصال قريب من "مؤسسة سيادية" تقديرا لوطنيتي وحبي لبلدي ووفائي للسينما المصرية. وقام "المجلس الأعلى لشؤون المقشة" بتكريمي في حفل خاص ومنحي وسام الجمهورية من الطبقة الصفيحية، وكذلك  فعل المهرجان القومي للكفتة السينمائية المصرية، وصدر عني بهذه المناسبة الجليلة كتاب أعده ناقد خفيف اليد، وضع بنفسه كل الأسئلة والإجابات!
 وبعد أن حققت هذه الانجازات العظيمة، تلقيت عروضا بتولي مناصب عامة أقلها مستشار- لا يستشار- ولكن فقط يقبض بالدولار، ولكني اعتذرت مفضلا أن أظل أعيش داخل أحلامي. لكني حلمت أنني مت، ثم أخذت بعد موتي أقرأ مقالات التأبين التي كتبت عني، فراعني أنهم أطلقوا علي: "الناقد الوطني الذي لم يغضب أحدا".. ثم جاء من يدعوني لمقابلة شخصية عظيمة، فقلت إنني ميت، ولا يصح أن يقابل "العظيم" رجلا ميت، لكنهم أصروا اعتقدوا أنني أمزح كما أفعل كثيرا، فاستسلمت، وقبل أن أعبر بوابة القصر الكبير، استيقظت من النوم.. فحمدت الله شكرا على أنني مازلت نفسي!

0 comments:

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger