الأربعاء، 25 فبراير 2015

حول كل هذا الاقبال على فيلم الاثارة "خمسون ظلا لجراي"!


لم يكن أحد من صناع فيلم “خمسون ظلا للرمادي” (أو لـ”غراي”، فالعنوان يتلاعب بالكلمة الأنكليزية التي هي أيضا اسم بطل الفيلم)، يتخيل أنه سيصبح خلال أيام قليلة من عرضه، ظاهرة تجارية واجتماعية، وإن كان من المؤكد أنه لن يصبح ظاهرة فنية.
فالفيلم المستمد من رواية بالعنوان نفسه ضمن ثلاثية للكاتبة البريطانية إل جيمس، ومن إخراج الأميركية سام تايلور جونسون، ليس من الممكن مثلا مقارنته بالفيلم الفني الشهير "التانغو الأخير في باريس" (1972) للمخرج الإيطالي برتولوتشي، الذي قام ببطولته مارلون براندو، سوى في كمية مشاهد الجنس التي يحتويها، والتي وصفت بأنها أكبر من كل مشاهد الجنس، التي تضمنتها “كل الأفلام” التي عرضت (للبالغين فقط) في الولايات المتحدة وبريطانيا خلال عام 2014 مجتمعة، فمن بين 125 دقيقة زمن الفيلم، هناك حوالي 22 دقيقة من المشاهد الجنسية.
شهد مهرجان برلين السينمائي العرض العالمي الأول للفيلم، ثم بدأت عروضه الأميركية والعالمية يوم 13 فبراير، الذي صادف “يوم فالانتين” والذي يعرف بـ”عيد الحب”، وهي مفارقة غريبة، فالفيلم أبعد ما يكون عن الرومانسية، بل هو أقرب إلى أفلام الإثارة الإيروتيكية المصنوعة صنعا خارج أي سياق فلسفي، أو فكري وبعيدا عن أيّ طموح جمالي. فهو يحتوي على تنويعات في ممارسة الجنس، بما في ذلك العلاقة السادية وأيضا المازوشية، والألعاب الجنسية التي تقترب من دائرة “الفانتازيا” أو الخيالات الجنسية، أكثر من الممارسة الجنسية الطبيعية.
الفيلم أصبح ظاهرة تجارية بعد أن حقق من عروضه الأولى خلال اليومين الأولين لعرضه أي في نهاية الأسبوع، 100 مليون دولار، ثم مضى فحقق أكثر من 300 مليون دولار في عروضه الأميركية والعالمية. وهو رقم لم تسبقه إليه سوى أفلام قليلة في تاريخ السينما.
ربما يكون من أسباب الإقبال الهائل على الفيلم، ذلك الرواج الكبير الذي حققته الرواية من قبل التي قيل إنها باعت نحو مئة مليون نسخة عالميا، وترجمت إلى خمسين لغة.
في المقابل يظل التساؤل قائما: هل يحتاج الشباب إلى مشاهدة فيلم من هذا النوع، بعد أن أصبحت الشرائط الإباحية الصريحة “أفلام البورنو” متاحة على شبكة الإنترنت؟ ربما يكمن السبب هنا في رغبة جمهور السينما، ومعظمه من الشباب بين 18 و25 سنة، في مشاهدة عمل يطرق أبواب الجنس من زاوية مختلفة، مجردة، بعيدة عن الفلسفة والأفكار المعقدة، فمحور هذا الفيلم أن بطليه يسعيان إلى العثور على توافق جنسي بينهما، عن طريق تجريب الطرق والأشكال المتعددة، بمعزل عن أيّ مغزى روحي أو فلسفي، وبقرار بارد تماما.
وقد يكون في عرض هذا الفيلم على الشاشة الكبيرة، في دور العرض الرئيسية على المستوى العالمي، إضفاء نوع من “الاحترام” أو “الطابع الرسمي” (وليس السري) عليه، وبالتالي يشعر جمهور الشباب بالمشاركة في المشاهدة معا بشكل مفتوح، وليس من خلال الانعزال أمام شاشة الكومبيوتر المنزلي وسرقة أفلام يقال عنها شديدة الخصوصية أو “محظورة”، فلا بدّ أن هناك طعما آخر لذلك “المحظور” الذي أصبح مسموحا به.

0 comments:

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger