الخميس، 27 فبراير 2014

الفيلم الوثائقي "رائحة الثورة"










أول ما يسترعي الانتباه في هذا الفيلم الوثائقي الطويل (98 دقيقة) الذي عرض في مهرجان برلين السينمائي في دورته الرابعة والستين التي اختتمت مؤخرا، عنوانه الغريب باللغة العربية، إذا وهو "أريج".. فالكلمة- أولا- غير متداولة كثيرا بين الناطقين العربية، وثانيا لا يعبر العنوان عن الفيلم ولا عن موضوعه، افترضنا أن هناك موضوعا واحدا لهذا الفيلم. أما العنوان الذي اختارته مخرجة الفيلم: المصرية- الألمانية فيولا شفيق، وهو "رائحة الثورة" هو أيضا عنوان مفتعل، فالفيلم ليس عن الثورة المصرية التي انفجرت في 25 يناير 2011 أي أن العنوان مضلل للمتفرج الذي يؤهل نفسه- من البداية- لمشاهدة فيلم وثائقي جديد عن الثورة من زاوية مختلفة.

إن مشاهد الثورة في الفيلم لا تتجاوز نصف دقيقة، وهي لقطات مأخوذة مما عرضته بعض قنوات التليفزيون للمشهد الشهير للحشد الكبير فوق جسر قصر النيل. وبعد ذلك يأتينا صوت المخرجة نفسها من وراء الكاميرا في تعليق طويل، يظهر ويختفي ليظهر مجددا عبر الفيلم كله. ويقول التعليق في البداية إن المخرجة لم تكن تعتزم أن يكون هذا الذي سنشاهده هو موضوع فيلمها، بل كانت ستتخذ مسارا آخر لولا أن الثورة وقعت فغيرت شكل ومضمون فيلمها. هذا ما فهمناه من التعليق. أما ما لم نفهمه وبدا ملتبسا بدرجة كبيرة، فهو كيف يمكن أن يحمل فيلم ما عنوان "رائحة الثورة" في حين أنه لا علاقة له حتى بما يمكن أن نطلق عليه إرهاصات الثورة!؟

يفتقد فيلم "أريج" على نحو واضح، لما يعرف في الفن عموما، بـ"وحدة الموضوع"، أي أن من الصعب التحدث هنا عن "موضوع" ما، محدد المعالم يدور حوله البحث التوثيقي أو الوثائقي للمخرجة التي عرفت كباحثة جيدة، فالواضح أن هناك درجة كبيرة من التشتت الفكري، فهي تنتقل بين أربعة مواضيع وقضايا تراها هي- وهي فقط طبقا لقناعاتها الخاصة التي لا تتضح لنا- تعكس صورة لما بدا في الأفق أنه سيتحول من حالة غضب إلى ثورة عارمة، في حين أن ما تصوره كان يمكن أن نراه في فيلم تسجيلي قبل أو بعد الثورة، لا فرق!

الفكرة قد تكون جيدة من الناحية النظرية، أما في الحقيقة وعلى الشاشة فهناك تشتت واضح وانعدام لأي شكل من اشكال البناء السينمائي. ولكن ما هي القصة التي يرويها الفيلم؟ وأرجو أن يكون واضحا أن أي عمل تسجيلي يجب أن يتضمن "قصة ما" فما هي قصة فيلم "أريج"؟


هناك عدد من القصص المتنافرة التي لا علاقة لها ببعضها البعض، منها أولا القصة التي تتناول بوضوح وبشكل مؤثر، تدهور البنية المعمارية التراثية في مدينة الأقصر الأثرية الواقعة في جنوب مصر والتي تعتبر من اكثر المقاصد السياحية في العالم رواجا، أو كانت تعتبر كذلك، قبل أن تتعرض لعملية "إغتيال" منظمة من جانب السلطات كما تكشف فيولا شفيق في هذا الجزء الأول من فيلمها.

وتتمثل عملية الاغتيال كما يشرح بطل القصة الناشط القبطي الذي يظهر في الفيلم وكذلك رجل آخر قبطي هو صفوت سمعان، يمتلك مجموعة نادرة من الصور الفوتوغرافية التي تسجل مراحل تاريخ المدينة منذ بدأت زيارات الرحالة الأروبيين للأقصر في ثمانينيات القرن التاسع عشر وحتى اليوم

إضغط هنا لقراءة المقال كاملا

الأربعاء، 19 فبراير 2014

12 عاما في العبودية: الأسلوب السينمائي الفريد




أمير العمري



ليس أهم ما يميز فيلم "12 عاما في العبودية" للمخرج البريطاني ستيف ماكوين، أنه يعيد تناول موضوع العبودية في الولايات المتحدة في السينما بشكل مؤثر وقوي. لاشك أنه أحد أهم ما ظهر من أفلام حول هذا الموضوع الذي سيظل يلهم الكثير من السينمائيين لأجيال قادمة. وربما يكون المخرج كوينتين تارانتينو قد لعب دورا بارزا في إعادة تسليط الأضواء على هذا الموضوع الإنساني - التاريخي بفيلمه "جانجو طليقا" (2012).


لكن على حين كان "جانجو" يقدم رؤية فنية سينمائية (خيالية) تستند إلى بعض الحقائق التاريخية، يأتي "12 عاما في العبودية" مستندا إلى الكتاب الذي يحمل العنوان نفسه، من تأليف سولومون نورثوب (صدر عام 1853) وفيه يروي تجربته المريرة القاسية التي عاشها بعد أن استدرج من نيويورك إلى واشنطن عام 1841 وهو الرجل الحر، ثم يختطف ويتعرض للتعذيب الشديد ويلقنونه أن إسمه "بلات" وأنه عبد هارب من جورجيا، ثم يباع إلى أحد ملاك الأراضي وينقل إلى الجنوب الأمريكي حيث يرغم على القيام بالأعمال الشاقة مع غيره من العبيد، وينتقل عبر البيع، بين عدد من ملاك الأراضي، إلى أن يتمكن من إثبات الحقيقة بعد مرور 12 عاما في العبودية، فيتحرر ويعود للالتحاق بأسرته.


هذا هو باختصار موجز موضوع الفيلم، وهو كما نرى، كان من الممكن أن يصنع فيلما تقريريا تقليديا لا يلفت الأنظار كثيرا من الناحية الفنية، فالغرض الأساسي لابد أنه سيتركز في توصيل الرسالة، أي الاحتجاج على ما كان يفعله الإنسان بالإنسان، ولايزال!

أما بين يدي مخرج رفيع المستوى مثل ستيف ماكوين (الذي سبق أن برزت موهبته في فيلميه السابقين "جوع" Hunger و"عار" Shame) فلا يصبح الفيلم مجرد "تقرير" سينمائي، أو قصة ميلودرامية تُروى على وتيرة واحدة، بل يصبح عملا فنيا كبيرا يبرز الحس التشكيلي والإحساس بالإيقاع السينمائي، يحتفي بالصورة ويجعل الدراما تتفجر من خلال مكونات الصورة، ويكتسب بالتالي، أهميته في تاريخ السينما.


الثلاثاء، 18 فبراير 2014

سر قوة فيلم "12 عاما في العبودية"







أمير العمري





بعض التعليقات التي كتبت على الفيلم الأمريكي البديع "12 عاما في العبودية"  12 Years A Slave  تقول إن الفيلم لا يضيف جديدا، وإنه يجعل من قضية تحرير العبيد قضية قانونية تتعلق أيضا بشخص واحد بدلا من المجموع، وإنه بالتالي يقلل من قيمة وأهمية القضية، بل ويهمشها حينما ينتهي بحصول بطله على الحرية مع بقاء أقرانه عبيدا!

الحقيقة أن الفيلم يميل أولا، إلى الاخلاص للأصل الأدبي الذي يعتمد عليه، وهو الكتاب الذي يحمل العنوان نفسه الذي أصدره سولومون نورثروب في القرن التاسع عشر.. الذي يروي قصته الشخصية وما وقع له من مأساة. 

والرد على اتهام الفيلم بأنه يجعل القضية قضية أوراق قانونية فقط يجب أن يكون كالتالي: إنه حتى الأمريكي الأسود الذي كان يحما أوراق انعتاق من العبودية في تلك الفترة النظلمة من التاريخ الأمريكي، لم يسلم من الاستبعاد والبقاء في العبودية لإثني عشر عاما.. وهو ما يقوي موضوع الفيلم وقضيته وليس العكس، أي أن هذه الحالة الخاصة هي أبلغ ادانة لسياسة التفرقة العنصرية على أساس اللون، واستبعاد الانسان لأخيه الانسان وليست تهميشا للقضية. واختيار مشكلة شخصية تتعلق برجل معين، موهوب، يعزف على آلة الكمان، يجيد القراءة والكتابة، يتمتع بالفطنة وحسن التدبير والقدرة على الابتكار، كلها أمور تجعل الاختيار مثاليا في التعبير عن ضراوة المشكلة، فرجل بهذه المواصفات، أرغم على العمل في الحقول مثل أي عبد من زملائه، كما بقى في العبودية سنوات طويلة عاجز عن اثبات أنه رجل حر وكان يلقى السخرية حينا، أو الانكار والاتسنكار حينا آخر كلما انبرى يدافع عن حقوقه الى أن أرغم بالقوة على الصمت والقبول حتى بتغيير إسمه وتاريخه الشخصي حسب رغبة السادة الذين اختطفوه ثم باعوه ونقلوه الى الجنوب الأمريكي.

 بطل الفيلم يتمتع بقدرة عالية على ضبط النفس، وعدم اللجوء للعنف إلى أن يشتد الضغط عليه فينبري مرة واحدة للدفاع عن نفسه فيكون ذلك الانتقام القاسي الذي يتعرض له كما شاهدنا في مشهد الشنق الوحشي الذي لم يكتمل، إلا أن الفيلم لم يهمل تصوير غيره من نماذج بشرية أخرى بائسة تتعرض لشتتى أنواع الاعتداء والتنكيل ومنها الاغتصاب الجنسي والجلد والشنق الفعلي..إلخ
إذن الفيلم لم يهمل تصوير الموضوع في كليته وشموليته، ولكنه لم يكن ممكنا أن ينتهي بمشاهد عنيفة بطولية على طريقة (جانجو)- لأنه فيلم يقوم على موضوع وقصة حقيقيتين وليس على افتراضات خيالية فنية مثل تلك التي أبدعها تارانتينو في فيلم شديد الاختلاف حقا. 

ان الانتصار على العنصرية على الشاشة فقط لا يغير حقائق التاريخ، ولكنه ربما يغير صورة التعبير عن تلك الحقيقة على الشاشة. وهو ما لم يلجأ إليه المخرج ستيف ماكوين الذي ليس من الممكن اتهامه بأي درجة بأنه من السينمائيين الذين ينطبق عليهم وصف أنصار كوخ العم توم، بل على العكس تماما. إنه يستنكر ويصرخ ويحتج عبر بطله في هذا الفيلم البديع، على تلك الهمجية التي لم ينج منها حتى من اعتبرته "الحضارة الأمريكية" وقتها مواطنا حرا!
وهذا بلاشك من أفضل الأفلام التي عالجت المسألة بنظرة فنية رفيعة.

الخميس، 13 فبراير 2014

فيلم "كف القمر" هل أفلس خالد يوسف؟!



شاهدت أخيرا فيلم "كف القمر"- آخر فيلم أخرجه خالد يوسف قبل أن يصبح جزءا من الأحداث السياسية الصاخبة التي تشهدها مصر منذ نحو ثلاث سنوات. ولم يكن هذا الفيلم تحديدا قد حظى باهتمام نقدي أو حتى جماهيري مشابه لأفلام سابقة للمخرج نفسه، ومرجع ذلك أن عروضه العامة في مصر بدأت بعد أحداث إنتفاضة 25 يناير مباشرة التي أدت إلى إغلاق كثير من دور السينما واضطراب عروض البعض الآخر في تلك الفترة بسبب تدهور الأحوال الأمنية في الشارع.
الفيلم من تأليف ناصر عبد الرحمن (كتب القصة والسيناريو والحوار) الذي سبق أن إشترك في أكثر من فيلم مع خالد يوسف لعل أشهرها "حين ميسرة". أما في هذا الفيلم فيتراجع خالد يوسف إلى الوراء، ويترك العنان لطغيان الرمز السياسي الذي يولع به كثيرا بحيث يصل أحيانا إلى حد الصراخ المباشر من خلال الحوار، وحشو الكثير من المبالغات الدرامية التي تجعل من معظم أفلامه "بيانات سياسية احتجاجية مباشرة وضعيفة" لا تشهد على الظاهرة الاجتماعية المتدهورة بقدر ما تصبح جزءا منها!
إن مشكلة خالد يوسف أنه لا يريد أن يكتفي بدور السينمائي الذي يقدم رؤية فنية للواقع، بل يريد أن يقوم بدور الخطيب والداعية السياسي أو المصلح الاجتماعي ولو بوضع مجموعة من "الافتراضات الدرامية" التي تقارب بين الفيلم والواقع بطريقة رديئة تذكرنا بميلودرامات سينما أثرياء الحرب في الأربعينيات.





السبت، 8 فبراير 2014

فيلم "الميدان" وكل هذا الجدل.. لماذا؟



بمجرد ترشيحه لجائزة الأوسكار لأحسن فيلم وثائقي طويل مع أربعة أفلام أخرى، سرعان ما أثار الفيلم الوثائقي 'الميدان' الكثير من الجدل الحاد والصاخب سواء على صفحات موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي، أو عبر الصحف ووسائل الإعلام المصرية.


فقد تعرض الفيلم ومخرجته المصرية التي تقيم في الولايات المتحدة، لحملة ضارية تنتقص من قيمة الفيلم وتقلل من أهميته وتعتبره جزءا من 'مؤامرة' أميركية ضد الثورة المصرية والثوار، بل بلغت الاتهامات حد اتهام المخرجة بالخضوع للتوجهات السياسية الأميركية، وهو ما يعني العمالة.


بل إن حصول الفيلم على عدد كبير من الجوائز واهتمام إعلامي كبير في مهرجانات سينمائية مرموقة مثل 'صندانص' و'تورنتو' و'نيويورك'، استخدم سلاحا ضد الفيلم، ودليلا على فكرة أنه جزء من مؤامرة غربية لتشويه الثورة المصرية!


جيهان نجيم مخرجة الفيلم


هذه الاتهامات لم تأت فقط في سياق تعليقات من بعض الشباب، منهم من يزعم أن الفيلم لا يعبر عن ثورة يناير 2011 بل أن 'لا أحد يمكنه التعبير عن الثورة'، بل تورط فيها أيضا عدد من النقاد أو الصحفيين.



وأود هنا أن أقرر أنني شاهدت الكثير من الأفلام التي صنعت عن الثورة المصرية، سواء من التي صنعها مصريون أو أجانب، وسواء عبر شاشات التلفزيون (كما في الفيلم الذي أنتجه تلفزيون بي بي سي البريطاني)، أو خلال عرضها في مهرجانات سينمائية عالمية، ولم ألحظ وجود أي اتهام وجه لهذه الأفلام حينما عرضت في الغرب.

الأربعاء، 5 فبراير 2014

حول الفيلم الأمريكي "لاست فيجاس": كوميديا إنسانية بديعة






شاهدت عددا كبيرا من الافلام في الفترة الأخيرة منها ما يطلق عليه أفلاما تجارية، والمقصود الأفلام الشعبية التي يقال إنها صنعت بغرض التسلية وجلب الأموال لمنتجيها (وهو هدف لاشك فيه فيما يتعلق بكل الأفلام التي تمول من طرف شركات انتاج محترفة).. واكتشفت أن الكثير منها أهم كثيرا سواء في بنائها الفني أو مضمونها، من أفلام يعتد بها بعض النقاد ويعتبرونها أفلاما فنية.


من هذه الأفلام مثلا الفيلم الأمريكي "لاست فيجاس" Last Vegas للمخرج جون تيرتيلتاوب (معظم أعماله أخرجها للتليفزيون).. لكنه هنا يختار موضوعا إنسانيا كبيرا دون أي ادعاءات أو التواءات في الحبكة والسرد، عن أربعة من الاصدقاء القدامي، هم الآن في الستينيات من عمرهم، يرغبون في جمع الشمل مرة أخرى والقيام بمغامرة تذكرهم بمغامراتهم القديمة، فيذهبون لقضاء عطلة نهاية الاسبوع في لاس فيجاس، لكي يمارسوا اللهو واللعب والتحرر.. أحدهم يرغب في الزواج من فتاة تصغره بأكثر من ثلاثين عاما ويريد دعوتهم لحف زواجه بعد ان تنتهي مغامرتهم في لاس فيجاس، والثاني يستأذن من زوجته في تغيير طعم الحياة الزوجية بأخذ عطلة قصيرة من الزواج، فتسمح له بل ولا تنسى أن تذكره بضرورة أن يحمل معه الواقي الذكري أيضا، وهو الأمر الذي لا يفتأ يذكره لكل إمرأة يقابلها، والثالث يهرب من الرقابة الصارمة التي يفرضها إبنه عليه بسبب خشيته من تدهور حالته الصحية، والرابع توفيت زوجته حديثا ويحمل في نفسه غصة لأن صديقه الأول (الذي يستعد للزواج) تقاعس عن حضور الجنازة.

وهكذا وسط أجواء من التوتر النفسي والمشاحنات الصغيرة وأيضا المغامرات التي تؤدي الى مفارقات غير محسوبة، منها وقوع اثنين منهم في وقت واحد، في حب امرأة مطلقة في المخسينيات من عمرها، لاتزال تحتفظ بجاذبيتها وحسنها، وتنافسهما عليها، وما يحدث للمجموعة أيضا في صالات القمار الشهيرة في لاس فيجاس، يكشف الفيلم عما يكمن تحت سطح المفارقات الكوميدية من دراما انسانية بديعة، تصور كيف ان الانسان لا يكبر أبدا إلا إذا استسلم هو لفكرة الشيخوخة، وأنه يمكن أن يجد الحب ولو بعد أن ظل لسنوات طويلة يبحث عنه وينتظره، وكيف يمكن أن يدرك المرء قبل الوقوع في الخطأ، أن الحب قيمة أكثر كثيرا من مجرد فكرة نظرية، وأنه كان يمكن أن يقع في مشكلة أكبر إذا ما استسلم لفكرة الزواج من امرأة صغيرة السن كثيرا فقط لأنها توليه اهتماما واعجابا، وأن المغامرة لها أيضا حدودها والانسياق وراءها يمكن أن يؤدي إلى الوقوع في الكثير من التعقيدات.

فيلم مصنوع برقة وعمق، بعذوبة وبناء قصصي تقليدي ومشاهد مكتوبة جيدة يبرز فيها حوار رفيع بسيط متدفق طبيعي مناسب لكل شخصية من تلك الشخصيات الأربع.

لكن لعل ما يضفي على فيلم كهذا رونقا خاصا ذلك الأداء التمتيز من الممثلين الأربعة الذين يقومون بأدوار البطولة" روبرت دي نيرو، مايكل دوجلاس، مورجان فريمان وكيفن كلاين.. وهم يبدون هنا ربما أيضا أقرب إلى شخصياتهم الطبيعية، ويقفون أمام الكاميرا تدعمهم خبرات طويلة عميقة في التمثيل والحياة معا، بحيث أنهم يقنعون المشاهيدن بأنهم حقا أصحاب تجربة وصداقة مشتركة طويلة، توحد بينهم تلك الكيمياء التي تجمع بين أصدقاء يبقون على صداقاتهم لعشرات السنين، يتذكرون الماضين لديهم قدرة على الفهم والتسامح. وهي قيمة ربما لم نعد نجدها كثيرا اليوم!



أضيف أيضا ان مما ساعد على توهج الفيلم أيضا الأداء المميز لممثلة ماري ستينبيرجن التي أضفت بروحها المرحة وعمق أدائها قيمة إضافية غلى الفيلم ونجحت في الاستحواذ على اهتمام المشاهد بعد ان أصبحت هي المحور الذي يتصارع حوله دي نيرو وجاكسون من خلال مشاهد طريفة كلها مبتكرة، تعتمد على المفارقات الدرامية والحركة ولا تركن الى التعبير اللفظي والنكات الشائعة في أفلام كثيرة.

إن "لاست فيجاس" ببساطة، درس في الكوميديا الانسانية البديعة التي تعرض وتصور وتسلي وتمتع لكنها تتحمل ايضا في طياتها الكثير من الفكر الإنساني والقيم التي نفتقدها عن صداقة الرجال، عن عدم الاستسلام للشيخوخة أو المرض، وعدم الوقوع فريسة للماضي وما حدث فيه فربما نكون قد بنينا تصورنا على افتراضات خاطئة أصلا، وعن الحب الذي لا يكف الانسان عن السعي للعثور عليه.

الأحد، 2 فبراير 2014

مهرجان برلين السينمائي: بوشارب في المسابقة والباقي في المنتدى!

فورست ويتيكر في فيلم "رجلان في المدينة لرشاد بوشاور"


 أمير العمري



تفتتح في السادس من فبراير الدورة الرابعة والستون من مهرجان برلين السينمائي بالفيلم الأمريكي "فندق بودابست الكبير" إخراج ويس أندرسون، وبطولة رالف فينيس وموراي ابراهام ومارلو أمالريك، وسيعرض هذا الفيلم خارج المسابقة، وهو من الإنتاج المشترك بين ألمانيا وبريطانيا، ويختتم المهرجان في الخامس عشر من فبراير بتوزيع الجوائز على الأفلام الفائزة في مسابقات المهرجان.
يعرض المهرجان ما يقرب من 400 فيلم، ما بين طويل وقصير، عبر أقسامه المختلفة وهي 10 أقسام: المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة (20 فيلما)، مسابقة الأفلام القصيرة (21 فيلما)، عروض خاصة لأفلام خارج المسابقة (12 فيلما)، البانوراما (36 فيلما روائيا، و16 فيلما تسجيليا طويلا)، و"آفاق السينما الألمانية" (16 فيلما)، "أفلام الجيل الجديد" (60 فيلما طويلا وقصيرا من 35 دولة، منها 14 في مسابقة خاصة بهذا القسم)، احتفاء خاص بالمخرج البريطاني كن لوتش (تعرض 10 من أفلامه)، إحتفاء خاص بالإضاءة في السينما من خلال عرض 40 فيلما صامتا وناطقا من تاريخ السينما العالمية، كما ستعرض نسخة جديدة تمت استعادتها من الفيلم الكلاسيكي الألماني الشهير "عيادة الدكتور كاليجاري" (1920) من إخراج فريدريك مورناو، بالاضاقة الى خمسة أفلام أخرى مثل "متمرد بلا قضية" لايليا كازان، و"كارافاجيو: لديريك جارمان، و"البطل" لساتيا جيتراي.

أخيرا يأتي قسم "المنتدى" أو ما يعرف بالفوروم، وهو يتكون في الواقع من قسمين: "المنتدي" (36 فيلما)، ثم "المنتدى الممتد" (52 فيلما من 20 دولة).. وهناك أيضا العروض الخاصة بالمنتدى (12 فيلما) من الأفلام التي أعيد إكتشافها أو الأفلام ذات القيمة التاريخية.
المسابقة الرسمية
تشمل المسابقة 20 فيلما روائيا طويلا ( منها أربعة أفلام من الدولة المضيفة ألمانيا للمرة الأولى منذ سنوات بعيدة (بالإضافة إلى وجود المانيا كطرف انتاجي مشترك في أربعة أفلام أخرى كما أن فيلم الافتتاح أيضا "فندق بودابست الكبير" الذي صور بالكامل في مناطق مختلفة من ألمانيا وكذلك في ستديوهات بابلسبرج الشهيرة في ضواحي برلين) وهناك بالمسابقة أيضا ثلاثة أفلام من الصين، وفيلمان من الأرجنتين، وفيلمان من بريطانيا، وفيلم واحد من كل من الولايات المتحدة واسبانيا وفرنسا واليونان والنرويج واليابان والنمسا والبرازيل والجزائر (إذا نسبنا الفيلم لثقافة مخرجه فهو فرنسي الجنسية من اصل جزائري). 
من أهم أفلام المسابقة الرسمية هذا العام فيلم المخرج الفرنسي الكبير آلان رينيه (91 سنة) آخرعمالقة جيل الموجة الجديدة في السينما الفرنسية الذين لايزالون على قيد الحياة مع زميله جان لوك جودار (83 سنة) وأنييس فاردا (85 سنة). وكان رينيه قد قدم فيلمه السابق "أنت لم تر شيئا" في مسابقة مهرجان كان عام 2012 وتصور الكثيرين أنه سيتوقف بعده، أي أنه سيكون فيلمه الأخير فقد كان يصور فيه رؤية مؤلف مسرحي توفي بالفعل، ويتحدث الآن من خلال شريط فيديو تركه خلفه، وأوصى بدعوة اصدقائه والممثلين الذين لعبوا أدوارا مشهورة في مسرحياته لمشاهدته. أما الفيلم الجديد – وهو بالفعل مفاجاة سارة- فهو حسب إسمه بالفرنسية "أحب، واشرب، وغني" أما العنوان بالإنجليزية فهو "حياة ريلي".



جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger