السبت، 8 فبراير 2014

فيلم "الميدان" وكل هذا الجدل.. لماذا؟



بمجرد ترشيحه لجائزة الأوسكار لأحسن فيلم وثائقي طويل مع أربعة أفلام أخرى، سرعان ما أثار الفيلم الوثائقي 'الميدان' الكثير من الجدل الحاد والصاخب سواء على صفحات موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي، أو عبر الصحف ووسائل الإعلام المصرية.


فقد تعرض الفيلم ومخرجته المصرية التي تقيم في الولايات المتحدة، لحملة ضارية تنتقص من قيمة الفيلم وتقلل من أهميته وتعتبره جزءا من 'مؤامرة' أميركية ضد الثورة المصرية والثوار، بل بلغت الاتهامات حد اتهام المخرجة بالخضوع للتوجهات السياسية الأميركية، وهو ما يعني العمالة.


بل إن حصول الفيلم على عدد كبير من الجوائز واهتمام إعلامي كبير في مهرجانات سينمائية مرموقة مثل 'صندانص' و'تورنتو' و'نيويورك'، استخدم سلاحا ضد الفيلم، ودليلا على فكرة أنه جزء من مؤامرة غربية لتشويه الثورة المصرية!


جيهان نجيم مخرجة الفيلم


هذه الاتهامات لم تأت فقط في سياق تعليقات من بعض الشباب، منهم من يزعم أن الفيلم لا يعبر عن ثورة يناير 2011 بل أن 'لا أحد يمكنه التعبير عن الثورة'، بل تورط فيها أيضا عدد من النقاد أو الصحفيين.



وأود هنا أن أقرر أنني شاهدت الكثير من الأفلام التي صنعت عن الثورة المصرية، سواء من التي صنعها مصريون أو أجانب، وسواء عبر شاشات التلفزيون (كما في الفيلم الذي أنتجه تلفزيون بي بي سي البريطاني)، أو خلال عرضها في مهرجانات سينمائية عالمية، ولم ألحظ وجود أي اتهام وجه لهذه الأفلام حينما عرضت في الغرب.

الأربعاء، 5 فبراير 2014

حول الفيلم الأمريكي "لاست فيجاس": كوميديا إنسانية بديعة






شاهدت عددا كبيرا من الافلام في الفترة الأخيرة منها ما يطلق عليه أفلاما تجارية، والمقصود الأفلام الشعبية التي يقال إنها صنعت بغرض التسلية وجلب الأموال لمنتجيها (وهو هدف لاشك فيه فيما يتعلق بكل الأفلام التي تمول من طرف شركات انتاج محترفة).. واكتشفت أن الكثير منها أهم كثيرا سواء في بنائها الفني أو مضمونها، من أفلام يعتد بها بعض النقاد ويعتبرونها أفلاما فنية.


من هذه الأفلام مثلا الفيلم الأمريكي "لاست فيجاس" Last Vegas للمخرج جون تيرتيلتاوب (معظم أعماله أخرجها للتليفزيون).. لكنه هنا يختار موضوعا إنسانيا كبيرا دون أي ادعاءات أو التواءات في الحبكة والسرد، عن أربعة من الاصدقاء القدامي، هم الآن في الستينيات من عمرهم، يرغبون في جمع الشمل مرة أخرى والقيام بمغامرة تذكرهم بمغامراتهم القديمة، فيذهبون لقضاء عطلة نهاية الاسبوع في لاس فيجاس، لكي يمارسوا اللهو واللعب والتحرر.. أحدهم يرغب في الزواج من فتاة تصغره بأكثر من ثلاثين عاما ويريد دعوتهم لحف زواجه بعد ان تنتهي مغامرتهم في لاس فيجاس، والثاني يستأذن من زوجته في تغيير طعم الحياة الزوجية بأخذ عطلة قصيرة من الزواج، فتسمح له بل ولا تنسى أن تذكره بضرورة أن يحمل معه الواقي الذكري أيضا، وهو الأمر الذي لا يفتأ يذكره لكل إمرأة يقابلها، والثالث يهرب من الرقابة الصارمة التي يفرضها إبنه عليه بسبب خشيته من تدهور حالته الصحية، والرابع توفيت زوجته حديثا ويحمل في نفسه غصة لأن صديقه الأول (الذي يستعد للزواج) تقاعس عن حضور الجنازة.

وهكذا وسط أجواء من التوتر النفسي والمشاحنات الصغيرة وأيضا المغامرات التي تؤدي الى مفارقات غير محسوبة، منها وقوع اثنين منهم في وقت واحد، في حب امرأة مطلقة في المخسينيات من عمرها، لاتزال تحتفظ بجاذبيتها وحسنها، وتنافسهما عليها، وما يحدث للمجموعة أيضا في صالات القمار الشهيرة في لاس فيجاس، يكشف الفيلم عما يكمن تحت سطح المفارقات الكوميدية من دراما انسانية بديعة، تصور كيف ان الانسان لا يكبر أبدا إلا إذا استسلم هو لفكرة الشيخوخة، وأنه يمكن أن يجد الحب ولو بعد أن ظل لسنوات طويلة يبحث عنه وينتظره، وكيف يمكن أن يدرك المرء قبل الوقوع في الخطأ، أن الحب قيمة أكثر كثيرا من مجرد فكرة نظرية، وأنه كان يمكن أن يقع في مشكلة أكبر إذا ما استسلم لفكرة الزواج من امرأة صغيرة السن كثيرا فقط لأنها توليه اهتماما واعجابا، وأن المغامرة لها أيضا حدودها والانسياق وراءها يمكن أن يؤدي إلى الوقوع في الكثير من التعقيدات.

فيلم مصنوع برقة وعمق، بعذوبة وبناء قصصي تقليدي ومشاهد مكتوبة جيدة يبرز فيها حوار رفيع بسيط متدفق طبيعي مناسب لكل شخصية من تلك الشخصيات الأربع.

لكن لعل ما يضفي على فيلم كهذا رونقا خاصا ذلك الأداء التمتيز من الممثلين الأربعة الذين يقومون بأدوار البطولة" روبرت دي نيرو، مايكل دوجلاس، مورجان فريمان وكيفن كلاين.. وهم يبدون هنا ربما أيضا أقرب إلى شخصياتهم الطبيعية، ويقفون أمام الكاميرا تدعمهم خبرات طويلة عميقة في التمثيل والحياة معا، بحيث أنهم يقنعون المشاهيدن بأنهم حقا أصحاب تجربة وصداقة مشتركة طويلة، توحد بينهم تلك الكيمياء التي تجمع بين أصدقاء يبقون على صداقاتهم لعشرات السنين، يتذكرون الماضين لديهم قدرة على الفهم والتسامح. وهي قيمة ربما لم نعد نجدها كثيرا اليوم!



أضيف أيضا ان مما ساعد على توهج الفيلم أيضا الأداء المميز لممثلة ماري ستينبيرجن التي أضفت بروحها المرحة وعمق أدائها قيمة إضافية غلى الفيلم ونجحت في الاستحواذ على اهتمام المشاهد بعد ان أصبحت هي المحور الذي يتصارع حوله دي نيرو وجاكسون من خلال مشاهد طريفة كلها مبتكرة، تعتمد على المفارقات الدرامية والحركة ولا تركن الى التعبير اللفظي والنكات الشائعة في أفلام كثيرة.

إن "لاست فيجاس" ببساطة، درس في الكوميديا الانسانية البديعة التي تعرض وتصور وتسلي وتمتع لكنها تتحمل ايضا في طياتها الكثير من الفكر الإنساني والقيم التي نفتقدها عن صداقة الرجال، عن عدم الاستسلام للشيخوخة أو المرض، وعدم الوقوع فريسة للماضي وما حدث فيه فربما نكون قد بنينا تصورنا على افتراضات خاطئة أصلا، وعن الحب الذي لا يكف الانسان عن السعي للعثور عليه.

الأحد، 2 فبراير 2014

مهرجان برلين السينمائي: بوشارب في المسابقة والباقي في المنتدى!

فورست ويتيكر في فيلم "رجلان في المدينة لرشاد بوشاور"


 أمير العمري



تفتتح في السادس من فبراير الدورة الرابعة والستون من مهرجان برلين السينمائي بالفيلم الأمريكي "فندق بودابست الكبير" إخراج ويس أندرسون، وبطولة رالف فينيس وموراي ابراهام ومارلو أمالريك، وسيعرض هذا الفيلم خارج المسابقة، وهو من الإنتاج المشترك بين ألمانيا وبريطانيا، ويختتم المهرجان في الخامس عشر من فبراير بتوزيع الجوائز على الأفلام الفائزة في مسابقات المهرجان.
يعرض المهرجان ما يقرب من 400 فيلم، ما بين طويل وقصير، عبر أقسامه المختلفة وهي 10 أقسام: المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة (20 فيلما)، مسابقة الأفلام القصيرة (21 فيلما)، عروض خاصة لأفلام خارج المسابقة (12 فيلما)، البانوراما (36 فيلما روائيا، و16 فيلما تسجيليا طويلا)، و"آفاق السينما الألمانية" (16 فيلما)، "أفلام الجيل الجديد" (60 فيلما طويلا وقصيرا من 35 دولة، منها 14 في مسابقة خاصة بهذا القسم)، احتفاء خاص بالمخرج البريطاني كن لوتش (تعرض 10 من أفلامه)، إحتفاء خاص بالإضاءة في السينما من خلال عرض 40 فيلما صامتا وناطقا من تاريخ السينما العالمية، كما ستعرض نسخة جديدة تمت استعادتها من الفيلم الكلاسيكي الألماني الشهير "عيادة الدكتور كاليجاري" (1920) من إخراج فريدريك مورناو، بالاضاقة الى خمسة أفلام أخرى مثل "متمرد بلا قضية" لايليا كازان، و"كارافاجيو: لديريك جارمان، و"البطل" لساتيا جيتراي.

أخيرا يأتي قسم "المنتدى" أو ما يعرف بالفوروم، وهو يتكون في الواقع من قسمين: "المنتدي" (36 فيلما)، ثم "المنتدى الممتد" (52 فيلما من 20 دولة).. وهناك أيضا العروض الخاصة بالمنتدى (12 فيلما) من الأفلام التي أعيد إكتشافها أو الأفلام ذات القيمة التاريخية.
المسابقة الرسمية
تشمل المسابقة 20 فيلما روائيا طويلا ( منها أربعة أفلام من الدولة المضيفة ألمانيا للمرة الأولى منذ سنوات بعيدة (بالإضافة إلى وجود المانيا كطرف انتاجي مشترك في أربعة أفلام أخرى كما أن فيلم الافتتاح أيضا "فندق بودابست الكبير" الذي صور بالكامل في مناطق مختلفة من ألمانيا وكذلك في ستديوهات بابلسبرج الشهيرة في ضواحي برلين) وهناك بالمسابقة أيضا ثلاثة أفلام من الصين، وفيلمان من الأرجنتين، وفيلمان من بريطانيا، وفيلم واحد من كل من الولايات المتحدة واسبانيا وفرنسا واليونان والنرويج واليابان والنمسا والبرازيل والجزائر (إذا نسبنا الفيلم لثقافة مخرجه فهو فرنسي الجنسية من اصل جزائري). 
من أهم أفلام المسابقة الرسمية هذا العام فيلم المخرج الفرنسي الكبير آلان رينيه (91 سنة) آخرعمالقة جيل الموجة الجديدة في السينما الفرنسية الذين لايزالون على قيد الحياة مع زميله جان لوك جودار (83 سنة) وأنييس فاردا (85 سنة). وكان رينيه قد قدم فيلمه السابق "أنت لم تر شيئا" في مسابقة مهرجان كان عام 2012 وتصور الكثيرين أنه سيتوقف بعده، أي أنه سيكون فيلمه الأخير فقد كان يصور فيه رؤية مؤلف مسرحي توفي بالفعل، ويتحدث الآن من خلال شريط فيديو تركه خلفه، وأوصى بدعوة اصدقائه والممثلين الذين لعبوا أدوارا مشهورة في مسرحياته لمشاهدته. أما الفيلم الجديد – وهو بالفعل مفاجاة سارة- فهو حسب إسمه بالفرنسية "أحب، واشرب، وغني" أما العنوان بالإنجليزية فهو "حياة ريلي".



الأربعاء، 29 يناير 2014

نظرة على الأفلام المرشحة لجوائز الأوسكار!






 
شاهدت الأفلام التسعة المرشحة لأحسن فيلم في مسابقة الأوسكار لعام 2014.. ومن نفس هذه الأفلام التسعة، تأتي ترشيحات أوسكار أحسن مخرج وأحسن سيناريو معد عن أصل أدبي بل ويتكرر ترشيح هذه الأفلام نفسها في معظم قوائم التصنيفات الفرعية. وشاهدت أيضا فيلم "بلو جاسمين" لوودي ألان المرشح لجوائز: أحسن ممثلة رئيسية وأحسن ممثلة ثانوية وأحسن سيناريو اصلي، وفيلم "داخل لولين ديفيز" للأخوين كوين المرشح لجائزتي أحسن تصوير وأحسن مزج صوت، وشاهدت كل الأفلام المرشحة لجائزة أحسن فيلم أجنبي باستثاء الفيلم البلجيكي. ولم شاهد بعد "قبل منتصف الليل" لريتشارد لينكلاتر الموجود ضمن قائمة المرشحين لأفضل سيناريو مقتبس عن أصل أدبي.
 
وفي تقديري لن تخرج معظم الجوائز عن قائمة التسعة المرشحين لأحسن فيلم. ويبلغ عدد جوائز الأوسكار في كل الفروع 24 جائزة بما في ذلك أحسن تسجيلي قصير وأحسن تسجيلي طويل وأحسن فيلم تحريك.
الأفلام التسعة الأساسية هي:
القبطان فيليبس
احتيال أمريكي
نبراسكا
نادي دالاس
جاذبية أرضية Gravity
فيلومينا
12 عاما في العبودية
ذئب وول ستريت
هي Her
كتبت من قبل عن "جاذبية أرضية" و"فيلومينا" و"القبطان فيليبس"، و"نبراسكا"، و"ذئب وول ستريت".
 
من فيلم "نادي دالاس"
 
نادي دالاس
أما فيلم "نادي دالاس"  (الترجمة الحرفية لعنوان هذا الفيلم ستصبح بالضرورة ملتسبة على القاريء العربي فالعنوان بالانجليزية هو Dallas Buyers Club أي "نادي مشتري دالاس" أي أنه سيصبح اسما لا معنى له، كما أنني أجده عنوانا رديئا لا يعبر بأي حال عن موضوع الفيلم، بل وأجد أن الفيلم نفسه هو الحلقة الأضعف في قائمة الأفلام التسعة المرشحة وأستغرب من ترشيحه أصلا للأوسكار في حين أن مستواه أقل من المتوسط.. وربما يكون موضوعه الإنساني هو ما لفت أنظار أعضاء الأكاديمية الأمريكية لعلوم السينما الذين يرشحون الأفلام ويمنحونها الجوائز..
 
فالموضوع يدور حول مريض مصاب بمرض نقصان المناعة المكتسب المعروف بالإيدز، يسعى للحصول على عقار ممنوع من التداول في السوق الأمريكية، وتهريبه من المكسيك لمساعدة مرضى الايدز بعد ان وجد أن العقار قد ساعده في البقاء على قيد الحياة لفترة طويلة بعد ان قال له الأطباء الأمريكيون أن امامه 30 يوما فقط قبل أن يغادر الحياة. والفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية بطلها رجل يدعى رون وودروف- كهربائي ولاعب روديو في تكساس- يقوم بدوره في الفيلم الممثل المتميز ماتيو ماكونوي (المرشح لأحسن ممثل عن دوره في هذا الفيلم).
 
ولكن السيناريو يعاني من الترهل والتكرار والمشاهد التي لا تثير التعاطف أصلا بسبب قسوة البطل وعنفه ورد فعله العنيف ازاء العالم، كما أن الحدث الدرامي لا يتكرر على نحو يثير الاهتمام بل ويصبح المتفرج أمام تساؤل كبير عما اذا كان بطل الفيلم نبيلا يسعى بسلوكه هذا الى مساعدة المرضى بتزويدهم بالعقار المحظور، أم أن دافعه هو تأسيس تجارة سرعان نمت كبرت، يحقق من وراءها أرباحا طائلة بعد أن أسس ما أطلق عليه ناديا في دالاس جعل رسم عضويته 400 دولار، لتوزيع الدواء على الأعضاء، ثم أصبح يقوم برحلات طويلة إلى اليابان والمكسيك وغيرها، كأي رجل أعمال، لعقد صفقات لشراء العقار والتفنن في تهريبه داخل الولايات المتحدة!
 
أنت إذن لا يمكنك التعاطف تماما مع هذا الرجل، كما أن أسلوب الإخراج المتبع هنا لا يجعل الفيلم يتجاوز تمثليات السهرة التلفزيونية المؤثرة بل ولا تثير تلك العلاقة التي تنشأ بين البطل وبين امرأة من الجنس المتحول (كانت في الأصل رجلا) تساعده في تنظيم تجارته الجديدة، ولنها تموت فيما بعد، اهتمام المتفرج بسبب سطحية التناول.
 
والملاحظ أن عددا كبيرا من الأفلام المرشحة لجوائز الأوسكار خاصة قائمة التسعة الكبار، مقتبسة من أعمال أدبية منشورة، معظمها يروي قصصا حقيقية أو مذكرات، وهذا مثلا شأن "12 عاما في العبودية" و"القبطان فيليبس" و"ذئب وول ستريت" و"فيلومينا" بالاضافة الى "نادي دالاس".
 
هي والأفلام
فيلم "هي" Her فيلم خيالي يفترض في المستقبل القريب وجود شخصية رجل يكتب رسائل حب لغير القادرين على كتابة مثل هذه الرسائل (شيء في الواقع ينتمي للقرن التاسع عشر!!) وهو يشعر بالوحدة (كثيرا ما نراه يسير وحيدا في شوارع مدينة لوس أنجليس (وأحيانا في شنغهاي بالصين!!) مصورا من زوايا تجعله يبدو ضئيلا تائها وسط المباني العالية الكئيبة التي تحلق فوقه. هذا الشاب يقيم علاقة حب مع كائن افتراضي في العالم الافتراضي عبر الكومبيوتر.. هذا الكائن الافتراضي امرأة هو الذي اختارها تتخاطب معه عبر صوتها فقط (تقوم بالدور سكارليت جوهانسون)، فهي اختراع من عالم السوفت وير.. أي غير حقيقية لكنها تجعله يعتقد أنها قد وقعت في حبه بالفعل، بل وترتب لكي تجعله يمارس معها الحب عبر وسيط ثالث لامرأة جميلة، وهو ما لا يقدر على القيام به.
 
من فيلم "هي"
 
الفكرة جيدة لكن المعالجة التي تريد أن تلعب في المساحة الواقعة ما بين الكوميديا الهزلية وقصة الحب الرومانسية، تفشل في اثارة اهتمام المتفرج، وخصوصا المتفرج غير الأمريكي، الذي يدرك من البداية استحالة القصة وهزليتها، بل ويبدو الفيلم من ناحية أخرى، أطول كثيرا من قصته وتصبح بالتالي التفاصيل الكثيرة التي يحشوها السيناريو به، غير مبررة ولا مقبولة، فمن منا يتصور أن تكون لديه امرأة رائعة الجمال مثل زوجته السابقة (الممثلة روني مارا) ويتركها ويهيم على وجهه بحثا عن علاقة بكائن من عالم السوفت وير الخيالي، خصوصا وان الفيلم يصوره وهو يستعيد بحنين مشاهد من حياته الزوجية السابقة مع زوجته الجميلة.
 
أما فيلم "12 عاما في العبودية" فهو بلاشك واحد من أهم ما ظهر من أفلام العام الماضي، وهو جدير بالفوز بعدد من أهم جوائز الأوسكار وأظن انه سيفعل.
 
إن المخرج ستيف ماكوين يعود بنا إلى موضوع العبودية، من خلال رؤية سينمائية واقعية مكتوبة جيدا ومصاغة سينمائيا ببراعة مؤثرة، لا تسعى إلى الإدانة ولا إلى التوفيق التسامحي الساذج، بل إلى إعادة قراءة فترة من التاريخ الأمريكي ولكن من خلال خصوصية القصة الدرامية التي يرويها عن ذلك الشاب الأسود الحر من نيويورك، الذي اختطف وعذب وأرغم على الخضوع للعبودية لمدة 12 عاما في الجنوب الأمريكي. وليس المهم في هذا الفيلم تفاصيل القصة ومغزاها فقد تكون هذه التفاصيل معروفة لكل من قرأ كتاب سولومون نورثوب الذي يروي فيه وقائع قصته الغريبة التي حدثت عام 1941 واستمرت حتى 1853، أي قبل الحرب الأهلية الأمريكية وقبل أن تصدر قوانين حظر العبودية في الولايات المتحدة.
 
ولعل أحدهم يتساءل: وكيف كان بطلنا هذا حرا إذن؟ والاجابة أن ولايات الشمال الأمريكي كانت قد بدأت منذ فترة في الاعتراف بحرية السود وحقهم في المساواة وكان الخلاف الشهير بين الشمال والجنوب أحد أسباب اندلاع الحرب الأهلية. كان أمريكيو الشمال قد بدأوا في التصنيع وكانت المصانع الراسمالية الجديدة في حاجة إلى ملايين السود كأيد عاملة رخيصة، في حين كان الجنوبيون يرغبون في الابقاء عليهم كعبيد يقومون بالأعمال الشاقة في المزارع.
 
من فيلم "12 عاما في العبودية"
 
أقول إن المهم في هذا الفيلم هو الأسلوب: التصوير والاخراج والمونتاج وأيضا الأداء التمثيلي الرفيع.. وهذا سيحتاج بلاشك، مقالا آخر (في الطريق).
 
احتيال أمريكي فعلا
وشخصيا لم أجد فيلم "احتيال أمريكي" American Hustle للمخرج ديفيد أو راسل، مثيرا للاهتمام، بل وجدته عملا ثقيلا مترهلا يعاني من المشاهد المسرحية الطويلة التي تثقلها الحوارات، مع تعدد الشخصيات والافتعال في الأداء بدرجة كبيرة. وبعد بدايته القوية التي تشد الجمهور عن ثنائي محتال من رجل وامرأة، ثم وقوعهما في براثن عميل للمباحث الفيدرالية الأمريكية يبتزهما للتعاون معه في الإيقاع بعدد من الخارجين على القانون، ينحرف الفيلم الى متاهات ومبالغات كثيرة، وصراخ وهستيريا أمريكية مألوفة، لاصباغ الطابع الكوميدي على ما يصعب تحويله إلى كوميديا، بل إنني رثيت لحال ممثل عملاق مثل روبرت دي نيرو الذي أسندوا له دورا ثانويا في هذا الفيلم كأحد زعماء المافيا، في محاولة لاستعادة ذكرى أدواره الشهيرة مع سكورسيزي في أفلامه عن المافيا وأشهرها بالطبع "رفاق طيبون"، كما يستخدم الفيلم شخصية العربي من خلال رجل يتخفى في ثياب شيخ عربي من بلدان الخليج بملابسه التقليدية المعروفة، بدعوى أنه يرغب في الاستثمار في أعمال غير مشروعة تتعلق بالقمار وغير ذلك، وهذا كله في سياق هزلي لم أجده مثيرا للمتعة ولا للاستمتاع بل بالأحرى، للتقزز احيانا. وأستغرب كثيرا ان يكون فيلم كهذا مرشحا لكل هذا العدد من الجوائز في سائر المسابقات الأمريكية مثل جولدن جلوبس وخصوصا مسابقات نقاد السينما مثل نقاد نيويورك الذين منحوه جائزتهم!
 

وقد كنت أتصور أنني ربما أكون الوحيد، الذي لم يعجبه فيلم "احتيال أمريكي" مع كل ذلك "الهوس" بالفيلم المنتشر بشدة في الصحافة الأمريكية، إلى أن  وقعت أخيرا على مقال شجاع كتبه كيفن فالون في مجلة (وموقع) "ذي ديلي بيست" The Daily Beast بعنوان "احتيال أمريكي فيلم بولغ في قيمته" American Hustle Is

Overrated

يبدأ الكاتب مقاله على النحو التالي "سوف لن يتم تخويفنا لكي نتظاهر بأننا نعجب به بعد اليوم.. إن "إحتيال أمريكي" ليس بأي درجة، جيدا كما يقال لنا.. إذن كيف أمكن أن يكون ضمن قائمة الأفلام المرشحة لأحسن فيلم؟".


وهو يتساءل في موضع آخر: "إعطوني وصفا تفصيليا للحبكة ، لما حدث في الفيلم لأنني - اللعنة علي- إذا كنت أعرف. والاعنة إذا كان أي منا يعرف، ودعونا نكون صريحين:هذه القصة أكثر القصص التواء وتشويشا وهراء في أي فيلم رشح لجائزة أحسن فيلم منذ فترة طويلة".


من وجهة نظر كاتب هذا المقال فإن أفضل الأفلام في قائمة التسعة هي ثلاثة أفلام يستحق اي منها جائزة أحسن فيلم وأحسن إخراج وهي:
1- 12 عاما في العبودية
2 - ذئب وول ستريت
3 – نبراسكا
    
جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger