الثلاثاء، 6 أغسطس 2013

أزمة وتخبط في مهرجان القاهرة السينمائي بعد عودة الوزير صابر عرب



تعيين الناقد سمير فريد رئيسا للمهرجان جاء كمخرج من الأزمة بعد اتهامات لصابر عرب بدعم الفساد!


 أمير العمري: هناك الكثير من ملفات الفساد في المهرجان وسألقن الوزير درسا في احترام القانون!

ما معنى وجود توقيع منيب شافعي رئيس غرفة صاعة السينما على شيكات المهرجان؟

تم تحديث الموضوع بتاريخ 7 أغسطس


بقلم: عادل سالم


عاد وزير الثقافة صابر عرب عاد الى الوزارة للمرة الثالثة بعد ان استبعد رئيس الوزراء حازم الببلاوي إيناس عبد الدايم مديرة الأوبرا، بضغوط من حزب النور السلفي كما تردد في وسائل الاعلام، فكان أن أعاد صابر عرب في اللحظة الأخيرة قبل أداء اليمين مباشرة أمام رئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور.

وفي اليوم التالي مباشرة لاستلامه منصبه الجديد- القديم بدأ صابر عرب حملة الانتقام من معارضيه وعلى رأسهم الناقد السينمائي أمير العمري المعروف بمواقفه النقدية الصارمة من سياسات الوزير في العام الماضي فقد هاجم بشدة اسناده مهرجان القاهرة السينمائي الى ما يعرف بـ"الحرس القديم" أي نفس الشلة التي افسدته على مدار 25 عاما بعد أن كانت جمعية أهلية تشكلت برئاسة الاعلامي والناقد يوسف شريف رزق الله وأسندت اليها الوزارة في البداية اقامة المهرجان وانفقت من المال العام اكثر من مليون جنيه. وقد اتهم العمري صابر عرب باهدار المال العام وباعادة نفس الرموز التي ارتبطت بالمنظومة الثقافية البالية للوزير الأسبق فاروق حسني الذي ينتمي عرب الى حظيرته الثقافية المعروفة.

ولا يعرف المثقفون لصابر عرب أي علاقة بالثقافة أو بدور ثقافي واضح، أو بأي مساهمة ثقافية في حقل الأدب أو الفكر والفن، بل ان هناك الكثير من الشبهات تحيط بدوره عندما كان رئيسا لدار الكتب والوثائق القومية فقد اختفت الكثير من الوثائق والمخطوطات النادرة في عهده. كما كان قد اتهم بالاعتداء بالضرب على حسن خلاف الذي أصبح رئيسا لقطاع مكتب وزير الثقافة بعد خروج فاروق حسني إلى أن أعفاه عرب. وصدر حكم على صابر عرب بالسجن إلا أنه تمكن من الغائه في الاستئناف وكان وقتها قد اصبح وزيرا ولم يعرف في التاريخ المصري ان وزيرا في السلطة حوكم وسجن، بل ان كل من يسجن من الوزراء يسجن بعد ان يخرج من السلطة.


حملة شرسة
وفي بادرة تدل على الرغبة في الانتقام وتصفية الحسابات شرع عرب في شن حملة شرسة في الصحافة المصرية ضد الناقدأمير العمري الذي تولى رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي، على أسس احترافية ومهنية بعيدة كل البعد عن السياسة، فأخذ عرب يوجه اتهامات للعمري بأنه ارتكب ما أسماه "تجاوزات خطيرة". وعندما تطرق لذكر تلك التجاوزات "الخطيرة" قال ان العمري حصل على عقد بمبلغ 15 الف جنيه شهريا، وأنه عين مستشارا قانونيا له بمرتب اربعة آلاف جنيه شهريا الى جانب عدد من المستشارين الصحفيين. والعجيب أن عرب يوحي بأن عقد العمري به تجاوزات كما لو كان العمري هو الذي حرر عقدا لنفسه وليس المستشار القانوني للوزارة منذ عهد فاروق حسني وهو عقد قانوني تماما وليس فيه أي تجاوز خاصة الشرط الذي يقضي بدفع غرامة مالية قال عرب كذبا انها تبلغ ربع مليون جنيه في حين انها لا تتجاوز قيمة العقد السنوي أي 180 ألفق جنيه.. والغريب ان يتقول عرب بهذا القول رغم أن الوزارة لديها نسخة من العقد لكنها الرغبة في استثارة الرأي العام ورغم أن العقود التي كانت وزارة صابر عرب تحررها العام الماضي مع الرئيس السابق للمهرجان عزت أبو عوف والسيدة سهير عبد القادر مديرة المهرجان، كانت أيضا تتضمن شرطا جزائيا مطابقا لنفس الشرط الموجود في عقد العمري، ورغم أن ما كان يحصل عليه رئيس المهرجان السابق يوازي تماما ما حصل عليه العمري في العقد. ومن حق العمري أن يطلب عقدت بمليون جنيه، والعبرى بما يتم الاتفاق حوله، والعقد كما هو معروف شريعة المتعاقدين، اكن تصريحت عرب توحي بأن الوزير السابق علاء عبد العزيز تجاوز في تحرير هذا العقد وهو زعم غير صحيح. وقد تعاقد عبد العزيز مع العمري كخبير مهرجانات وليس على أي أسس سياسية من أي نوع فمعروف أن العمري من المنتمين لليسار في حين أن عبد العزيز يقف في اليمين السياسي. لكن البعض يسعى للاصطياد في المياه العكرة.

والغريب أن يعتمد الوزير في تصريحاته على ترديد أكاذيب صريحة فلا يوجد أي اساس للقول ان العمري عين مستشارا قانونيا بأربعة آلاف جنيه بل هو مجرد كذب صريح. فقد انتدبت الوزارة مستشارا قانونيا للمهرجان لمراقبة وضبط الأمور ابتداء من 1 يوليو ولم يعينه العمري، كما أن العمري لم يعين أي مستشار صحفي له على الاطلاق بل تعاقد مع ثلاثة من النقاد الشباب لادارة أقسام المهرجان الرئيسية، علما بأنه لم يتعاقد مع مدير فني أو مدير تنفيذي للمهرجان كما فعل صابر عرب العام الماضي. ولم يتجاوز العمري في ذلك صلاحياته المنصوص عليها بوضوح في عقده.

لكن الانتقام المبيت الذي تلا ذلك جاء مع الإعلان عن أن الوزارة طلبت من البنك الأهلي وقف اعتماد توقيع رئيس المهرجان لدى البنك وبالتالي عادت الشيكات التي كانت قد أعدت لاستيفاء المبالغ المخصصة لدفع مرتبات ومكافآت الموظفين والعاملين بالمهرجان.

والغريب أن تصمت الصحف التي نشرت هذه التصريحات عن متابعة ما وصلت اليه الأمور فقد انتهت تصريحات الوزير الى لاشيء كما كان معروفا، فهي حملة من الدخان الأسود في الفضاء مقصود بها التشويه والتمهيد لقرار الغاء التعاقد الذي تتقاعس الوزارة حتى هذه اللحظة عن ابرازه أو تسليمه لصاحب الشأن أي للعمري نفسه، كما أنها أساسا- عملية تصفية حسابات مع العمري الذي سبق ان اتهم الوزير باهدار المال العام!

ونشرت بعض الصحف والمواقع أنباء عن قيام صابر عرب بانهاء عقد العمري، لكن العمري يقول إنه لم يصله أي شيء بخصوص هذا رسميا حتى الآن. ونشرت الصحف انباء كثيرة حول الاجتماعات التي يعقدها الوزير مع شلة من المثقفين والسينمائيين الذين تزعموا اعتصام وزارة الثقافة في شهر يونيو أمثال مجدي احمد علي وخالد يوسف ومحمد العدل، ومع منيب شافعي رئيس غرفة صناعة السينما وزميلته في الغرفة المنتجة اسعاد يونس، ومع هاني مهنا عازف الأورج السابق الذي اصبح حاليا رئيسا لاتحاد النقابات الفنية في مصر، والغرض من هذه الاجتماعات اختيار رئيس جديد للمهرجان ترضى عنه هذه الجهات ويمكنها التعامل معه بسهولة وتسيير منافعها ومكاسبها الكثيرة "الغامضة" من المهرجان. لكن هذه الجهات المتصارعة على "كعكة المهرجان" لم تتفق حتى الآن على شخص الرئيس البديل. وأعلن أن الممثلة يسرا اعتذرت عن قبول الرئاسة.

ويقول العمري إن المسألة برمتها "عودة للرغبة في الانتقام من العمري بسبب كتاباته النقدية ضد سياسات الوزير الذي يذهب ثم يعود للوزارة في كل العهود"، ويضيف أن هناك أيضا من يرغبون في القضاء على كل قرار اتخذه علاء عبد العزيز بما في ذلك القرارات التي لم يكن هناك أي خلاف على شخوصها مثل تعيين الدكتور جمال التلاوي المشهود له بالكفاءة على رأس الهيئة العامة للكتاب، والعمري على رأس مهرجان القاهرة السينمائي. وقد صدر قرار باعفاء الدكتور التلاوي بالفعل واعادة أحمد مجاهد الى هيئة الكتاب رغم ما يواجهه من اتهامات بالفساد أمام النائب العام. ويقول العمري أيضا إن السبب الثاني يرجع الى رغبة من يطلق عليهم (جمعية المنتفعين) الذين يستغلون علاقاتهم مع المديرة السابقة للمهرجان، للحصول على الكثير من المكاسب بدون وجه حق، مشيرا الى وجود الكثير من الدلائل على وجود فساد في المهرجان بدليل أنه لم ينجح في التوصل الى أي تسويات مالية خاصة بالأموال التي تأتي من رعاة المهرجان والتي تقدر بنحو ثلاثة ملايين جنيه كما أنه اكتشف وجود حساب للمهرجان بالعملة الأوروبية (اليورو في بنك القاهرة يحمل توقيع رئيس المهرجتن وبجانبه توقيع منيب شافعي رئيس غرفة صناعة السينما ولكن بشخصه وليس بصفته، ويتساءل عن السر في وجود هذا التوقيع علما بأن لا علاقة للغرفة بالمهرجان من الأصل.


ويقول العمري أيضا إن الوزير العائد صابر عرب حاول تشويه صورته من خلال ما أدلى به من تصريحات نشرت في عدد من الصحف يدعي فيها انه سيقوم بتشكبل لجنة لجرد مقر المهرجان بزعم اختفاء بعض أصول المهرجان، كما سيحيل ما أسماه ملف المهرجان للنائب العام. وقد أسفرت تصريحات الوزير عن عجزه عن العثور على أي مخالفة بعد ان قامت لجنة أرسلها مدير مكتبه محمد أبو سعدة الى المقر، عن العثور على أي مخالفة مما دفع العمري- كما يقول- إلى رفع دعوى قضائية ضد الوزير يتهمه بتشويه سمعته.

دولة القانون والفوضى

ردا على هذه التصريحات قال العمري إنه يؤمن بأن مصر دولة قانون رغم كل الفوضى الحالية، وإنه بدأ بالفعل في إجراءات مقاضاة الوزير حاليا بسبب تصريحاته وسيلقنه درسا في ضرورة احترام القانون وأن عليه أن يعرف أن "مصر دولة سيادة القانون لا سيادة الوزير" مضيفا أنه سيطالب بتعويض خمسة ملايين جنيه عما لحقه من تشويه وإساءة بالاضافة الى الوفاء بالشرط الجزائي الموجود في عقده والذي ينص على دفع كل مكافآته حتى نهاية العقد وهو أمر لا يمكن للوزارة سوى الوفاء به امام القضاء فالعقد شريعة المتعاقدين!

صابر عرب

ويقول العمري إنه لا يعرف ما الذي يسعى إليه بالضبط مخرج مشغول بالظهور الاعلامي المتكرر هو خالد يوسف أو منتج تجاري مثل محمد العدل أو مخرج متوقف عن الاخراج مثل مجدي احمد علي، من وراء ذلك (اللوبي) الذي كونوه للحصول على رئاسة وادارة المهرجان، فما هي علاقة هؤلاء جميعا بتنظيم وادارة المهرجانات السينمائية الدولية، ولماذا كل هذا الاصرار على استبعاد العمري المعروف بخبرته الدولية الكببرة في هذا المجال؟ هل السبب فقط أنه سبق أن انتقد سياسات الوزير؟ أم لأنه، كما يقولون، جاء بقرار من علاء عبد العزيز الذي يقولون ان قراراته باطلة.. ومن الذي أبطلها.. وهل في تاريخ الادارة المصرية هناك شيء من هذا القبيل، أي يأتي وزير فيبطل كل قرارات سلفه بكل بساطة دون أن يترتب على ذلك أي التزامات؟ وهل أصبحت مصر دولة خارج القانون، أم أن هناك أسبابا أخرى تتعلق بما حصل عليه العمري من ملفات كثيرة تكشف علاقات مشبوهة تتعلق بالعلاقة مع المهرجان؟ وهل يملك هؤلاء الذين يتطلعون الى الاستيلاء على حق اقامة المهرجان انجاحه في ظل هذه الظروف الصعبة في حين لم يبق على موعد اقامته سوى نحو ثلاثة أشهر؟

وفي حين طرحت غرفة صناعة السينما من خلال منيب شافعي اسم حسين فهمي لكي يعود لرئاسة المهرجان الذي تركه قبل حوالي عشر سنوات، اعترض "سينمائيو الاعتصام" فهم يريدون واحدا منهم، في حين كان  الوزير صابر عرب يرغب في تعيين صديقته سهير عبد القادر في منصب نائب الرئيس رغم رفض جماعى الاعتصام لها. وكان الوزير قد التقى السيدة سهير في أول يوم لعودته إلى مكتبه بالوزارة وهر في عدد من الصور الصحفية عها وادلت هي بتصريحات أكدت فيها أنها مازالت (نائبة رئيس المهرجان)- وهو اللقب الذي تحب أن يطلق عليها.

وخروجا من المأزق أي مأزق العودة إلى إسم يمكن أن يكون مثار انتقادات واسعة للوزير، طرخ ائتلاف بين المركز القومي للسينما ونقابة السينمائيين اسم الناقد السينمائي سمير فريد لرئاسة المهرجان لكن سمير فريد قال في البداية إنه رفض قبول العرض هاصة وأن الفترة الزمنية المتبقية على انعقاد المهرحان نحو ثلاثة أشهر. وكان البعض يرغب  أيضا في فرض اسم الممثل محمود قابيل، الذي لا يملك أي معرفة بعمل مهرجانات السينما. والطريف أن  هاني مهنى رئيس اتحاد النقابات إعترض على اسم سمير فريد بالقول اثناء احد الاجتماعات مع الوزير: إنه كاتب مقالات جيد لكن ما علاقته بالمهرجانات السينمائية؟! الأمر الذي تسبب في انفجار البعض في نوبة من الضحك!


تعيين سمير فريد
المؤكد أن صابر عرب برغب في عودة سهير عبد القادر التي واجهت العام الماضي انتقادات شديدة حتى من داخل معسكرها. وويرى كثيرون أن سهير عبد القادر من المقربين من سوزان مبارك ومن المحسوبين على نظام مبارك الذي تؤيده حتى الآن بشدة. ولكنها تتشبث بمهرجان القاهرة السينمائي الذي يعد منفذها الوحيد لعالم السينما وطريقا وحيدا (مجهولا) لدى كثيرين لتحقيق الكثير جدا من المكاسب. وكان المخرج مجدي أحمد علي قد هاجم عودة سهير العام الماضي الى ادارة المهرجان بقرار من صابر عرب.

وأخيرا وتغليبا لكل التوازنات رسا الأمر على صدور قرار بتعيين سمير فريد رئيسا للمهرجان، وأعلن في أول تصريح له إنه يقدر الجهود التي قام بها سلفه العمري وفريق العمل الذي اختاره وأعلن أنه يعتزم دراسة ما تم والاستفادة منه، والأهم أنه اكد ثقته في نزاهتهم المهنية والأخلاقية في رد مباشر على تصريحات الوزير المسيئة.

ويتساءل الكثيرون حاليا عما سيفعله الرئيس الجديد فيما أنجزه العمري من اتفاقات بشأن لجان التحكيم والأفلام. وكان قد أعلن أخيرا عن أن فيلم الافتتاح سيكون الفيلم الفرنسي "الماضي" من اخراج المخرج الايراني أصغر فرهادي. وأعلن ايضا عن استحداث قسم جديد للأفلام القصيرة في المهرجان، والغاء قسم افلام حقوق الانسان والسينما الافريقية، وتخصيص قسم لسينما أمريكا اللاتينية الجديدة.

وبعد كل ما حدث ويحدث يقول امير العمري إنه لم يعد يجد المناخ الحالي في مصر صالحا لتنظيم مهرجانات سينمائية عالمية بينما (يقتل المصريون بعضهم البعض في الشوارع- حسب تعبيره) وان صورتنا أمام العالم الخارجي لا تسمح بدعوة الكثير من السينمائيين المرموقين". ويرى ايضا أنه "أصبح حاليا من الضروري إلغاء الدورة القادمة  الـ36 من المهرجان، واعادة النظر في هيكل المهرجان بأسره وتحديد علاقته بالدولة واستبعاد الضغوط التي تمارسها جهات مثل اتحاد النقابات وغيره من الكيانات التي لا تفهم اصلا في عمل مهرجانات السينما وليست من ضمن مهامها اقامتها بل عليها أن تهتم فقط بتحسين أوضاع اعضائها"!

واضاف العمري أن المهرجان سيفشل - ليس فقط في جذب السينمائيين الأجانب، بل وفي جذب جمهور السينما من المصريين أنفسهم الذين أصبحوا مشغولين تماما بمتابعة ما يجري من أحداث سياسية صاخبة تطغى على كل ما عداها في الوقت الحالي، ومن المتوقع أن يستمر الأمر كذلك لفترة طويلة قادمة!


لكن المشكلة أن "اللوبي" القديم الفاسد الموجود داخل أروقة وزارة الثقافة يرغب بشدة في اقامة الدورة لكي يستفيد من كم المكافآت المالية الهائلة والمنافع الأخرى التي يحثل عليها أعضاء هذا اللوبي الذي يرعاه الوزير. والغريب أن مخرجا غير معروف لم يخرج سوى فيلمين، يتشبث بالعمل في المهرحان تحت أي عباءة، ويسعى بشكل حثيث للعودة للعمل كمدير للمهرجان فارضا نفسه في حين أن كل قدراته لا تزيد عما يمكن أن تقوم به أي سكرتيرة، أي في اجراء بعض الاتصالات التليفونية، وكان قد وقع بينه وبين سهير عبد القادر في العام الماضي صراع ضاري أدى إلى قيامه بكتابة استقالة مسببة رفعها للوزير صابر عرب، استعرض فيها الكثير من الجوانب التي تتعلق باتهامات فساد ضد السيدة سهير، غير أن الوزير رفض التحقيق فيها، واقنع صاحب الاستقالة بالاستمرار في العمل وهو ما حدث فعلا.

ومن غير المعروف موقف عازف الأورج السابق هانى مهنى- رئيس اتحاد نقابات الفنانين حاليا- من تعيين مثقف سينمائي مثل سمير فريد وهو الذي كان يرغب في تعيين نجم أو نجمة، أي رئيس لا يمارس أي عمل ويكون شرفيا بدعوى أنه سيجذب من يطلق عليهم (فناني مصر) إلى المهرجان. وليس معروفا أيضا موقف منيب شافعي من تعيين سمير فريد وهو الذي كان قد دافع بشدة عن سهير عبد القادر ويرتبط معها بعلاقات خاصة من خلال غرفة صناعة السينما التي يهيمن عليها كما تربطه علاقة محل تساؤل كما أشرنا بمهرجان القاهرة. والحقيقة ان وزير الثقافة كان حري به تحويل ملف الدورة الـ35 من المهرجان التي أقيمت العام الماضي إلى النائب العام، وليس ملف دورة لم تبدأ بعد وليس لها أي ملف أصلا.. لكن الوزير المتهم بالتستر على الفساد، يصمت.

والأمر المؤكد أن الصراع حول المهرجان لن يهدأ، والمؤكد أيضا أن صابر عرب لن يبقى طويلا في منصبه بل سيطاح به كما يرى الكثيرون، في أقرب تعديل وزارة في بلد يقبع حاليا فوق صفيح ساخن!

الثلاثاء، 23 يوليو 2013

كلام بسيط




بقلم: علاء عبد الهادي

أرفض هذه الوزارة بالطريقة التي جاءت بها, وأرفض الإعلان الدستوري, وأرفض وزير الثقافة والفلول العائدين!

من يتأمل الموقف بعد المد الثاني للثورة, يجد نفسه في الحقيقة في السياق نفسه لعهد مبارك, وآليات حكمه, وكوارث نظامه,
فنظامه بالمعنى العلمي للنظام -بنيةً وكوادر- لم يزل قائما, ما تغير هو وجه النظام أما النظام نفسه فلم يتغير حتى الآن, فمن المسئول عن رجوع فلول نظام ثقافي ثار عليه الشعب.. نظام يمثل البنية العميقة لمؤسسات فاسدة إداريا, هي نتاج ثلاثة عقود من التخريب بإعادة تدوير الفشل التاريخي عبر وزراء تم اختبارهم من قبل وأثبتوا عجزهم عن تقديم الممارسة, والرؤية في آن؟ من يخبرنا عن عدد الوزراء الذين تم اختبارهم من قبل وأثبتوا فشلهم في وزارات سابقة, ثم رجعوا إلى هذه الوزارة من جديد؟

لن تستطيع مؤسسات خربة وفاسدة أن تخدم أهدافا جديدة,
لأنها كانت من تسببت في هذا الخراب الثقافي الذي نعيشه الآن, وكانت من أسباب وجوده! لأن هذه المؤسسات بأجهزتها الإدارية القائمة لم تخلق لتحقيق أهداف ثورية أصلاً! بل خلقت لحماية نظام فاسد واستيعاب معارضيه.

في العقدين الأخيرين, عرف المثقفون جيدا تجار الثقافة,
وكانوا شهودا على كل العصافير التي لوثتها الحظائر. ممن تربحوا ماديا ومعنويا من تجارة المؤتمرات, والكتب, ومن عقود الإنشاءات الثقافية ومبانيها, كما عرف المثقفون أيضا أصحاب الحرائق, وقتلة المسرحيين, وأصحاب السرقات, والسلوكات المشينة, ومن تاجروا في الآثار, والمخطوطات, واللوحات, واتفقوا مع شركات أجنبية لسرقة مقنعة لتراثنا من الوثائق والخطوطات. كما عرفوا مقاولي الجوائز العربية, ومن حازوا الجوائز المشبوهة للقذافي وغيره, ومن لعبوا بقضايا مصيرية كقضية التطبيع طمعا في مناصب زائلة. والعديد ممن استفادوا على مدى عقدين من وجودهم في عباءة النظام السابق, ممن باعوا مصر من أجل حكومات فاسدة, فرطت في مقدرات الوطن والمواطن, وحجبت عن أجيال كاملة حقها في التعبير وفي إدارة شئونها ومقدراتها..

يرجع صابر عرب وزيرا في حكومة أغلبها فلول,
من ذوي الخبرة في الفساد, والاستسلام للأمر الواقع, حكومة لا تعرف الكثير عن الشأن الثقافي, ولا تهتم به أصلا. ربما كانت واحدة من الشروط التي يجب أن تحظى بها أخي الكريم لو كُلّفْتَ بوزارة –ولذلك استثناءات بالطبع- أن تكون أولا من فلول نظام سابق, وأن تكون ثانيا من ذوي الخبرات السيئة, التي لا تخلو من شبهات, وأن لا تكون -ثالثا- لك علاقة بالوظيفة التي تشغلها!

وزير الثقافة الحالي لا يعرف المثقفين, ولم يعرفه المثقفون إلا وزيرا عبر ثلاث حكومات فاشلة الأداء والرؤية, أنا لا أتكلم عن أفراد, ولن أخوض كذلك في ملابسات أخذه لجائزة الدولة التقديرية التي لا يستحقها, وكيف تحقق له ذلك, وهي سياقات مشينة ومعروفة للجميع, وزير الثقافة أتي ومعاونوه من أروقة نظام مبارك الفاسد,
ولا نتوقع لوزارة الثقافة وغيرها من الوزارات التي لم تمسها يد التطهير الإداري إلا الفشل السريع؛

من أجل هذا أرى وزير الثقافة -الجوكر- الذي هبط علينا للمرة الثالثة
من أسوأ وزراء الثقافة الذين مروا علينا أداء ورؤية, ويكفي نظرة سريعة إلى معاونيه بدءا من أمين المجلس الأعلى العائد إلى وظيفته, إلى بقية الموظفين العائدين من فلول نظام سابق إلى وزارته, كي تتبين لنا الطريقة العشوائية في إدارة الشأن الثقافي في بلادنا,

فمتى يحين الوقت الذي تستمع فيه ثقافة القوة إلى قوة الثقافة
التي يمثلها المثقفون؟ ومنهم مثقفون كبار ارتضوا الاعتزال كيلا يشاركوا في نشاطات وزارة, معدومة الفائدة. لا شعار لها سوى شعار "مهرجان لكل مواطن", وكأنه السبيل الوحيد للتنوير!
فليفرح المثقفون بالمهرجانات القادمة, وليحرقوا البخور للوزير الجديد/ القديم, وليعاني المواطن وطأة الكارثة!



الاثنين، 24 يونيو 2013

بيان من أمير العمري بشأن تولي رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي





أود أن أوضح أساسا أن أمير العمري مثقف كان ولايزال مستقلا معارضا لكل الأنظمة.. في زمن السادات، ومبارك، ومرسي، وسيكون معارضا للنظام القادم في مصر لأنه يرى أن هذه هي مهمة المثقف، الذي لا ينبغي أبدا أن يكون جزءا من اللعبة السياسية لذلك فلم أنتم الى أي حزب سياسي. فالمثقف له دور فالعل في المجتمع كباحث عن الحقيقة ومقوم للسلطة ومناهض لأي توجهات استبدادية، وحتى في ظل نظام ديمقراطي يجب أن يكون دائما مع الناس وليس مع السلطة أي سلطة. وهذا هو موقفي المدئي.


ثانيا: لم يكن مهرجان القاهرة السينمائي ابدا مؤسسة حقيقة تستند إلى أسس راسخة، بل كان يدار بطريقة عشوائية تسببت في الكثير من الفوضى والفساد أيضا. وعندما عرض علي المنصب وضعت شروطا كثيرة في مقدمتها أن يتحول المهرجان الى مؤسسة حقيقية تحصل على الدعم المالي من الوزارة (مثلها مثل أي مهرجان آخر يقام في مصر) ولا تدار بموظفين بل بمحترفين وهو ما ووفق عليه وما نقوم به حاليا.


ثالثا: أتفهم تماما مخاوف المعتصمين في وزارة الثقافة المصرية ومنهم عدد كبير من الأصدقاء الشخصيين الذين يتمتعون باحترامي وحبي وتقديري سواء كمبدعين أو كسينمائيين أو كمثقفين.. لكني أحب أن أقول لهم إنه بالنسبة لهذه المنطقة التي ألعب فيها الآن تحديدا فقد أصبح المهرجان في يد أمينة، في يد شخص منهم كان دائما مستقلا لا يبحث عن مناصب أو عن مكاسب.. بل وعندما يتعارض المنصب مع الموقف يترك ويغادر ويفضل الابتعاد عن الساحة. لقد وضعنا شروطا من بينها أن تكون لنا كل الاستقلالية في اختيار من يعملون ومن يساعد في وضع شكل للمهرجان وأقسامه واختيار أفلامه وضيوفه وتحديد هويته وهدفه وتوجهه وتغليب الوجه الثقافي الجاد على البهرجة الزائفة والجوانب الخائبة الاستعراضية،  وكل ما يتعلق بالجوانب الفنية. وعلى الجهة الادارية أي الوزارة، ان تقوم بتلبية ما نطلبه. وقد ووفق على كل ما طلبناه ونص عليها في التعاقد كتابة. كما حصلنا على صلاحيات واسعة وتعهدات حتى فيما يتعلق برفض تدخل الرقابة على المصنفات الفنية في افلام المهرجان وقد ووفق على هذا بحماس للمرة الأولى في تاريخ أي مهرجان سينمائي يقام في مصر.

واذا كان الأمر كذلك.. أليس معنى هذا بكل وضوح أننا استعنا المهرجان بالتالي من قبضة السلطة وأعدناه للمثقفين والسينمائيين الأمر الذي يجعلنا نطالبهم الآن بكل جدية أن يشاركوننا في العمل والتفكير والتطوير. هل كان من الأفضل أيها الزملاء المحترمين أن نتركه لادارة قديمة متهالكة فاسدة أصر الوزير السابق صابر عرب الذي كان بالمناسبة قد أتى وزيرا في حكومة الإخوان أيضا، على أن يوكل أمره لنفس الجماعة التي أهملته وأساءت الى سمعته ولم تبذل أي جهد حتى في عمل لائحة مالية ونظام اداري محترم لمؤسسة تعمل على مدار العام وهو ما نقوم به حاليا، وبدلا من ذلك اعتمدت على سيطرة شخص واحد على المهرجان بالكامل، واحتكرت التجربة لنفسها واستأثرت بكل المكاسب دون أي سند من قانون في دولة الفساد التي استمرت أكثر من ثلاثين عاما!

أم هل كان من الأفضل ان يأتي شخص من خارج مجال الثقافة السينمائية وخبرة المهرجانات الدولية لكي يسهل علينا اتهام المسؤولين بتخريب المهرجان؟

أم ربما كان البعض يرى أنه كان من الأفضل أن يغلق المهرجان ويتوقف تماما عن مسيرته ويتوقف الجميع عن الرغبة في تعديل مسيرته خدمة لأهداف فئات معية أصبح لها صوت عال في مصر حاليا. وساعتها كنا سنسمع نفس الأصوات لاناقدة حاليا تتباكى على مصير المهرجان وما آل إليه من تدهور وتكتفي بالوقوف موقف الذي يوجه الاتهامات دون أن يملك أن يقدم البديل الحقيقي. وهل كان البديل الي يطرحه المثقفون سيتعامل مع نفسه أم أنه يجب أن يتعامل مع جهاز الدولة المسؤولة عن إنفاق أموال الشعب. أو هل كان يجب أن يتوقف المهرجان خدمة لأصحاب نظرية "إما أكون أنا أو فلنهدم المعبد فوق رءوس الجميع"!


ان تعاقدنا ليس مع شخص، وانما مع مؤسسة من مؤسسات الدولة هي وزارة الثقافة التي تملك المال.. أي مال الشعب المصري الذي ينبغي أن ينفق من أجل تقديم الخدمة الثقافية الى الشعب المصري وجموع مثقفيه بشتى ألوانهم وانتماءاتهم الفكرية. 


إننا لم نعرف أن هناك دعوة لمقاطعة التعامل مع مؤسسات وزارة الثقافة ورفض تولي أي مسؤولية في مؤسساتها خاصة مؤسسة بعيدة عن الادارة البيروقراطية مثل مهرجان القاهرة السينمائي. ولو كانت قد صدرت مثل هذه الدعوة لكنا أول من يلتزم بها. وكيف نقاطع ومهرجان الاسكندرية الذي تنظمه جمعية سينمائية يحصل على التمويل الأساسي من الدولة، ومهرجان الاسماعيلية لم يكن يقام لولا حصول أخيرا على دعم اضافي بلغ 450 ألف جنيه كان كفيلا بانقاذ الدورة الأخيرة، وهي من أموال الشعب الموجودة لدى وزارة الثقافة.

هل عندما ننجح في تحرير المهرجان ويوافق المسؤول عن إدارة أموال الشعب المصري في وزارة الثقافة وإنفاقها على المنتج الثقافي وتوصيله للناس، ويقول ان كل ما تطلبه الوزارة هو دورة قوية جادة منظمة وبدون أي تدخل من جانبهم في العمل الفني.. نقول له لا والله أنت لا يصدر عنك أي شيء صائب لكي يمكننا الاستمرار في مهاجمتك؟ لا أحد يطالب أحدا بالتوقف عن الاحتجاج وابداء التحفظات على السياسات القائمة فهذا حق لأي مواطن، ولكننا يجب أن نعترف بأن هناك شيئا صحيحا قد اتخذ في هذا الموضوع تحديدا. ولو ثبت لنا عكس ذلك سنترك المهمة ونغادر ونختار ساحة الابداع الفردي كما كنا نفعل دوما. وبالمناسبة التعاقد ليس مرتبطا بوزير معين بل مستمر حتى فيما بعد أن يتغير الوزير ولا تستطيع الوزراة الغاءه الا بثمن باهظ جدا. هذا فقط لعلم من يتشككون.


كلا لن نصمت ولن نتوارى خجلا بل سنفاخر بهذا الانجاز الأولي في تحرير مؤسسة عتيقة كنا نخجل عندما يشير اليها الأجانب في المحافل السينمائية الدولية ونتعهد بأن نجعل منها مؤسسة محترمة شاءت كل الأجهزة أم أبت إلا إذا نجح البعض منا نحن في إفشال التجربة وأرجو وسأحرص على ألا يتحقق هذا!

إنها تجربة جديدة تعيد المهرجان للمثقفين والساحة السينمائية الجادة وتخلص المهرجان من "مافيا" الفساد فأمير العمري رجل قادم من حب السينما وليس من أجل الارتزاق منها، فلدي ما يكفيني لكي أعيش حياة جيدة جدا في مدينة رائعة هي مدينة لندن، أعمل وأتنفس حياة هادئة وأشاهد السينما بدون أي معاناة وسط جمهور مهذب، أسافر إلى كل مهرجانات الدنيا السينمائية التي ترحب بي، أؤلف كتبي التي لم أكتبها بعد، وأقرأ ما لم أقرأه بعد. لكني فضلت قبول هذه المهمة لكي أقدم لبلدي شيئا جميلا. ولكن الأمر المؤسف للغاية أن هذا جاء في وقت أتاح للبعض، ومنهم أصدقاء لي، مهاجمتي واتهامي بـ"خيانتهم"، في حين أنني لم أقدم أي تنازل من أي نوع لأي سلطة حيث أنني أؤمن بأن الثقافة المصرية يصنعها الشعب والمثقفون وليس الوزارة أو السلطة.


إن هذا يوم للاحتفال.. وهو احتفال بعودة المهرجان الى المثقفين المصريين الوطنيين واستعادته من بين قبضة أي سلطة أو حاكم أو مسؤول لكي يصبح في أيدي مجموعة من المثقفين السينمائيين الذين لا يمكن لأحد أن يزايد عليهم في مواقفهم السياسية الوطنية ولا تاريخهم الثقافي.
لنحتفل جميعا معا ونكف عن التشكك والتشكيك في مناخ أعرف أنه محتقن بما يكفي.

بالحب والسينما... سننتصر على التتار!

الثلاثاء، 4 يونيو 2013

عن جريدة القاهرة وصلاح عيسى

 


صلاح عيسى




بقلم: السماح عبد الله





في عام 2003 عندما حصلت على جائزة الدولة التشجيعية في الشعر اتصل بي الدكتور عماد أبوغازي وكان وقتها يشغل منصب رئيس الإدارة المركزية للشعب واللجان بالمجلس الأعلى للثقافة طالبا مني الحضور لمكتبه ليسلمني الشيك الخاص بالجائزة، تحدثنا وقتها عن بعض المشكلات التي تعاني منها الثقافة المصرية واقترحت عليه بعض الحلول لهذه المشكلات، ضحك الدكتور عماد وقتها ضحكة عالية وهو يعلق على كلامي وأعقب ضحكته قائلا :

- " نحن بحاجة لثورة كبرى لكي يتحقق ما تحلم به "

الغريب في الأمر أن الثورة حدثت بالفعل، والغريب أيضا أن الدكتور عماد أبوغازي نفسه أصبح وزيرا للثقافة، لكن الأغرب من هذا وذاك أن مشكلات الثقافة المصرية ظلت كما هي، تغيرت كثير من وجوه القيادات الثقافية لكن المنهج وأسلوب التفكير لم يتغيرا، ويكفي - عزيزي القاريء – أن أذكر لك حالة واحدة من حالات مشكلاتنا الثقافية لتقف معي على حقيقة ما أقول.


في بداية الألفية الثالثة قام السيد فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق بالسطو على مجلة " القاهرة " التي كانت تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب، في واحدة من أغرب حالات السطو العلني في تاريخنا الثقافي، والتي مرت على المجتمع الثقافي كله في صمت تام مرور الكرام وكأن شيئا لم يحدث وبراءة الأطفال في عيون الوزير البراقة، في ذلك الوقت كنا نسمع في المنتديات والمقاهي عن المشاريع الكبرى التي ينتوي السيد الوزير إقامتها، منها إطلاقه لقناة فضائية تعرض لإنجازات الوزارة ومنها إنشاؤه لجريدة أسبوعية تكون لسان حال الوزارة وتدافع عن السيد الوزير ومعاونيه في وقت ارتفعت فيه حدة انتقاد الأداء الثقافي للوزير الذي يعد أشهر وزير نال انتقادا وهجوما، وكان من أبرز منتقدي السيد الوزير وسياساته ومعاونيه الكاتبة نعمات أحمد فؤاد والأديبة سكينة فؤاد والشاعر فاروق جويدة والأديب جمال الغيطاني الذي كان في البداية من مؤيديه ثم انتقل إلى كتيبة معارضيه ثم ارتد مرة أخرى إلى حظيرة المؤيدين، بالإضافة إلى الكاتب صلاح عيسى الذي سيتحول للتأييد السافر بعد أن أدار مؤشر رؤيته بنسبة 180 درجة، مما استدعى ضرورة تدشين آلة إعلامية جهنمية لمواجهة هذه الانتقادات، ولا أعرف تحديدا ما هو حجم العقبات التي حالت دون إطلاق القناة الفضائية لكنني أعرف جيدا حجم التيسيرات التي سهلت له إنشاء جريدة أسبوعية ظهرت منذ أكثر من أحد عشر عاما ومازالت تظهر حتى يومنا هذا بشكل أسبوعي، وذلك لأنني كنت شاهد عيان على هذه المؤامرة الخسيسة بحكم عملي مديرا لتحرير مجلة " القاهرة " .


كنا وقتها – نحن أعضاء هيئة تحرير مجلة " القاهرة " – نقدم واحدة من أهم المجلات الثقافية التي شهدتها الحياة الثقافية ربما منذ الأربعينيات، حيث كنا نفرد ملفات فكرية كبرى تناقش القضايا الملحة على الساحة المحلية والعربية والعالمية ونستكتب كتابا غربيين يكتبون خصيصا لنا ونشتبك مع الواقع الثقافي في عدد من القضايا الملحة وكثير من الأعداد كنا نخصصها بالكامل لمناقشة فكرة أو استعراض الجوانب الإصلاحية عند أحد المفكرين، المدهش أن مجلة " القاهرة " كانت تنفد فور صدورها وكان المثقفون يتوافدون على مقر المجلة للحصول على نسخة منها وكنا نصاب بالحرج البالغ لأن أعداد المجلة بالفعل نفدت، بل إن كثيرا من أعداد المجلة كان يعاد طبعها وتنفد أيضا في طبعتها الجديدة، وقد شهدت مطابع هيئة الكتاب حالة شديدة الغرائبية عندما اكتشفنا أن ثلاثة أعداد هي الأكثر طلبا من قبل القراء والمثقفين فقدمنا لرئيس الهيئة اقتراحا بإصدار الأعداد الثلاثة في مجلد واحد وهي الفكرة التي لم يوافق عليها الدكتور سمير سرحان مما تطلب استصدار قرار من وزير الثقافة بالموافقة على إصدار هذا العدد الاستثنائي الذي صدر أول فبراير عام 1996 في قرابة السبعمائة صفحة من القطع الكبير وضم الأعداد الخاصة عن شادي عبد السلام وطه حسين ونصر حامد أبوزيد، لكن يبدو أن الثقل الثقافي والفكري الذي كانت تمثله مجلة " القاهرة " ذالك الحين كان أكبر من أن يحتمله الواقع السياسي المصري فبدأت المضايقات تظهر شيئا فشيئا للتضييق على صناع المجلة، تارة بتأخير الصدور وتارة بحجب المكافآت وتارة باعتراض عمال المطابع على موضوع يناقش انعكاس التفكيكية على تطور نقد الشعر، وكان غالي شكري وعبده جبير ومهدي مصطفى وفتحي عبد الله وكاتب هذا المقال يحاولون جاهدين التغلب على كل هذه العقبات، غير أن محاولة إقناع السادة المبجلين عمال المطابع بأن نقد الشعر لابد وأن يتأثر بكافة الظواهر الفكرية والفلسفية الجديدة التي تظهر في الساحة العالمية سواء أكانت تفكيكية أو بنيوية، كانت هذه المحاولة وحدها كفيلة بأن تجعلنا نكفر بالشعر والقص والنقد والتفكيكية والبنيوية وجاك دريدا وليفي شتراوس نفسهماخاصة حين تجد عامل المطبعة ينظر إليك بعينيه المتربصتين وهو يشوح بيديه متهما إياك بالبعد عن جادة الصواب مع أن المشكلة في غاية البساطة وحلها أقرب إليك من حبل الوريد، ثم ينفخ دخان سيجارته في وجهك ويتركك ليواجه ماكينة الطباعة ذات الصوت الهادر وهو يعلي صوته كي تسمعه وكي يسمعه كل من حوله وهو يصرخ في وجهك معلنا بأن الإسلام هو الحل .


وهكذا بدأت أعداد المجلة تتأخر عن الصدور بالشهور لدرجة أن أحد أعداد المجلة كتبنا عليه تاريخ ستة أشهر مجتمعة، وزادت حدة المضايقات ومنعت مكافآتنا وطولبنا بالتوقيع في كشوف الحضور والانصراف تزامن كل هذا مع إصابة رئيس التحرير الدكتور غالي شكري بجلطة من العيار الثقيل، فزاد فعل المضايقات وتكاثر، ومع مرور الوقت أصبحنا نعمل في مجلة لا تصدر على الإطلاق وشيئا فشيئا بدأت خيوط المؤامرة تتضح لنا، فالتصريح الأساسي لإصدار " القاهرة " كان أسبوعيا وفي بدايات إصدارها أوائل الثمانينيات كانت تصدر صباح كل ثلاثاء بشكل أسبوعي حين كان يرأس تحريرها الكاتب عبد الرحمن فهمي وكل كتاب مصر الذين تقترب أعمارهم من الخمسين فما فوقها يتذكرون " القاهرة " الأسبوعية وكثير منهم كان ينشر فيها، وهكذا وجد وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني ترخيصا جاهزا لدورية أسبوعية تابعة لوزارته يمكنها أن تحقق حلمه وتتحدث عن إنجازاته وتنشر صوره بالحجم الكبير وتروج للوحاته ومعارضه الدورية بل وتذهب كاميرات مصوريها إلى بيته الخاص لتنقل للقراء ذوقه الخاص في توزيع الأثاث في أركان منزله، ووقع اختياره على الكاتب الكبير رجاء النقاش ليرأس تحرير مجلته المنشودة، حضر إلينا الدكتور سمير سرحان في مقر المجلة المغتصبة وأخبرنا أن المجلة سيتغير اسمها من مجلة " القاهرة " إلى مجلة " الكاتب المصري " وأنه تم الاتفاق مع الكاتب الكبير أنيس منصور ليرأس تحريرها وبأنه يتعين علينا الرجوع لمقر الهيئة لحين حضور السيد أنيس منصور، كان من الواضح لنا أنها ليست أكثر من أكذوبة كبرى الغرض منها مغادرتنا للمكان والتعلق بأمل مجلة جديدة لضمان عدم الاعتراض على سرقة مجلتنا، ولما طال أمد الانتظار ذهبنا للسيد رئيس الهيئة لنواجهه بأن الأستاذ رجاء النقاش يقوم الآن بالإعداد لإصدار مجلتنا لم يستطع أن يراوغ وأخبرنا أنه اتفق مع الأستاذ رجاء النقاش أن يستعين بطاقم تحرير " القاهرة " القديم في إصداره الجديد وأن الأستاذ رجاء النقاش في انتظارنا في أي وقت بمكتبه بدار الهلال، كان الدكتور غالي شكري قد توفي وعبده جبير سافر للكويت ومهدي مصطفى التحق بالأهرام ولم يتبق من طاقم التحرير القديم الذي أشار إليه الدكتور سمير سرحان غير فتحي عبد الله وأنا فتحي عبد الله أزاح الموضوع كله من دماغه بضربة حجر شيشة واحد، وأنا واقع في هوى رجاء النقاش منذ عرفت الوقوع في هوى الكتاب، ومنذ نشر لي قصائدي في مجلة الدوحة قبل أن أبلغ العشرين من عمري، فذهبت إليه في مكتبه بدار الهلال، كان يجهز لعدد تجريبي من " القاهرة " وكان سعيدا جدا بالمجلة، أفرد أمامي ماكيت العدد التجريبي، كانت في حجم مجلة " المصور " أو أكبر قليلا وأطلعني على موادها، وأنا بدوري قدمت اقتراحا بباب خاص بالسيرة الذاتية أسميته " الدق على الذاكرة " نعرض فيه لسير كتابنا وشعرائنا ومفكرينا، رحب جدا بالفكرة وطلب مني تجهيز أربعة أبواب على الأقل، كنا هو وأنا مصدقيْن تماما لأحلامنا غير عارفين أن أحلام السيد الوزير ليست لها علاقة بأحلام المثقفين، وقبل أن أنتهي من إعداد الأبواب الأربعة تناهي إلى سمعنا خبر إزاحة رجاء النقاش من رئاسة تحرير " القاهرة " وإسنادها إلى الكاتب صلاح عيسى وتحويلها من مجلة إلى جريدة، كثير من المثقفين رفضوا تصديق الخبر واعتبروه مجرد شائعة فمن غير المنطقي أن يوافق صلاح عيسى أشهر كتاب اليسار المصري خصومة مع السيد فاروق حسني على رئاسة تحرير جريدته، غير أن العارفين ببواطن الأمور أكدوا لنا أنه من المنطقي تماما أن يحدث هذا بعد أن فتح السيد الوزير حظيرته على اتساعها لاستقطاب كل من يحمل في يمناه قلما وفي قلبه أحلاما لمنصب أو مغنم، وإن هي إلا بضعة أسابيع حتى كانت جريدة " القاهرة " واقعا فعليا وانبرى السيد رئيس تحريرها في الدفاع المستميت عن وزير الثقافة في كافة معاركه، وفي استعراض إنجازات سيادته وفي عرض لوحاته بالألوان الطبيعية وفي نشر صوره بأحجام كبيرة احتلت في بعض الأحايين نصف الصفحة طوليا، فتارة ترى سيادته واضعا ساقا على ساق، وتارة وهو ممسك بفرشاته في حالة استلهام للون الأزرق الشفيف وعيناه مركزتان على شيء ما، وتارة وهو واضع يمناه في جيب بنطاله، وتوالت أعداد الجريدة بشكل أسبوعي وقاربت من الستمائة عدد وهي في حالة رسوخ وثبات غريبتين على حالة جريدة من المفترض أن تتطور وتغير من جلدها وتستكتب كتابا آخرين، كل هذا شيء وما يفعله رئيس تحريرها مع نفسه شيء آخر لا أظن أن رئيس تحرير آخر فعله مع نفسه من قبل، فهو يصر في كل عدد أن يستقطع مساحة ضخمة وثابتة له وحده، وكأن الصفقة المبرمة بينه وبين النظام الذي أسقطه ثوار التحرير أن يدافع عن منجزات وزارة الثقافة وينشر صور الوزير ولوحاته في مقابل أن ينشر هو لنفسه ما يقدر على نشره، تستوي في ذلك كتاباته الجديدة وكتاباته القديمة، وقد بلغ استخفافه بالقاريء أنه يعيد نشر كتابات سبق له نشرها من قبل منذ يوم أو بعض يوم كأن ينشر مثلا زاوية ثابتة له بعنوان " مشاغبات " وتكتشف بعد الانتهاء من قراءتها أنها منشورة بقضها وقضيضها منذ يومين في " المصري اليوم "، ويزداد غيظك حينما يذيل مقاله بهذه العبارة " نقلا عن المصري اليوم " دون أن يبين لك ماهو سبب إعادة نشرها مرة أخرى، هذا عدا كتبه التي يعيد نشر فصولها بحيث يحتل كل فصل صفحة كاملة من الجريدة، هذا غير بابه الثابت " أزمنة وأمكنة " والذي يحتل بدوره نصف صفحة ويوقعه باسم المقريزي، وباب أخر صغير بعنوان " أنصحك أن تقرأ " هذا غير كثير من الموضوعات التي تظهر بدون اسم والمتعارف عليه في الصحافة أن كل ما ينشر بلا توقيع هو لرئيس التحرير، وهو يتعامل مع قراء الجريدة على اعتبار أنهم مثقوبو الذاكرة، فإذا ما خصص ملفا عن مفكر أو شاعر أو حادث وطني يعيد نشر مقالات سبق لنا قراءتها من قبل في دورياتها الأساسية، أما ما لايمكن تقبله من جريدة ثقافية من المفترض جديتها ونظافتها هو اعتمادها الأساسي على الموضوعات الفنية ونشر صور الفنانات الفاتنات بأحجام أكبر من حجم صورة الوزير نفسه، فالجريدة تخصص خمس صفحات كاملة للفنانات اللواتي هن مقدمات على تصوير دورهن الجديد في مسلسل الأمر الذي ساعد في دخول رئيس تحرير الجريدة صلاح عيسى نفسه للحقل الفني بعد تحويل كتاب وثائقي له عن " ريا وسكينة " إلى مسلسل درامي كتب له السيناريو والحوار السيناريست مصطفى محرم الذي سبق وأن نشرت له جريدة " القاهرة " التي يرأس تحريرها صاحب الكتاب، مذكراته المطولة مسلسلة على مدى أكثر من عشرة أعداد متوالية صب فيها جام غضبه على كثير من صناع السينما.


ثم ما علاقتنا نحن المثقفين بصدر الفنانة السورية " رغدة " لكي ينشره لنا السيد صلاح عيسى بضا طريا شهوانيا محتلا نصف صفحة طوليا لكي يكتب لنا خبرا ثقافيا من الطراز الفريد وهو أنها انتهت من تصوير " المركب " ؟ ! ثم ما علاقتنا بجسد المغنية اللبنانية " أليسا " لكي يزغلل به عيوننا ويفرده أمامنا على ارتفاع ثلاين سم وعرض عشرين سم فاتنا مثيرا منسابا كغصن البان لكي بخرج علينا بسبقه الصحفي الذي يؤكد فيه أن خبر منعها من الغناء مجرد شائعة يروجها حاسدوها ؟ !، وهكذا تظل رائحا غاديا بين تصاوير الكاسيات العاريات من الفنانات وذوي الأزرار المفتوحة من الفنانين وعلى امتداد خمس صفحات كاملة، لتعرف أن تامر حسني سيدخل البلاتوه قريبا لإغاظة منافسه الاستراتيجي عمرو دياب من خلال مسلسله الجديد الذي يتكتم على اسمه حتى الآن والذي سيتقاضى فيه أكثر من مليون جنيه في الحلقة الواحدة، أو أن حسين فهي يتورط في جريمة قتل إيمان العاصي وقبل أن يحبس محبو دنجوان السينما المصرية أنفاسهم خوفا على نجمهم المحبوب سيكتشفون أنه سيقتلها من خلال مسلسل سينمائي وليس في الواقع .


هكذا ركزت الجريدة الثقافية جل جهدها وجل صفحاتها للموضوعات الفنية وسخرت لها أقلام النقاد وأفسحت سجال النقاش ساخنا وملتهبا لتطرح على القراء الكرام الرؤى النقدية المتباينة للأفلام التي سطحت عقلية المواطن المصري وساهمت في تغييب عقله وتبسيط وعيه من عينة " حاحا وتفاحة ووش إجرام واللمبي وسيد العاطفي وخالتي فرنسا وصايع بحر " واهتمت اهتماما ملحوظا بالمعارك الناشبة بين هذه الفنانة أو تلك أو ذلك المنتج وهذا المطرب، فيما تعاملت مع الأدب والأدباء والفكر والمفكرين على اعتبار أنه عالة على الجريدة فلا تقترب منه إلا لذر الرماد، وكأن هذه الجريدة التي تصرف عليها وزارة الثقافة وتدعمها مقتطعة حصتها المالية الضخمة من نصيب الأدباء، كأنها أنشئت خصيصا للدفاع عن وزير الثقافة أيا كان اسمه ولنشر تراث المناضل اليساري سابقا صلاح عيسى وتحلية أغلب صفحاتها بأجساد ونهود فاتنات السينما المصرية ومطربات القطر اللبناني الشقيق.


أما ما يتعلق بالجانب الإبداعي فحدث ولا حرج، ليس في الجريدة كلها محرر أدبي يستطيع أن يحكم على قصة أو قصيدة ليقرر صلاحيتها للنشر من عدمه، ينتج عن ذلك نشر كلام مرصوص مليء بأغلاط النحو واللغة بل والإملاء على اعتبار أنه شعر أو قصة، وبين الحين والحين يمارس السيد صلاح عيسى هوايته الصحفية الغرائبية بإعادة نشر قصائد شهيرة لشعراء شهيرين من أمثال حجازي أو أمل أو الأبنودي أو جاهين أو نجم بمساحات كبيرة وبمصاحبة لوحات كبيرة للفنان التشكيلي فاروق حسني، صحيح أن للجريدة مستشارا أدبيا تحرص الجريدة على كتابة اسمه في الترويسة هو الكاتب الكبير علاء الديب، لكن من البين الجلي أنه لا يقرأ ما تنشره الجريدة من إبداعات ولا أعرف كيف يوافق كاتب في حجم علاء الديب على أن يكون مستشارا أدبيا لجريدة تنشر إبداعا بهذه التفاهة .


لقد تغير وزير الثقافة لكن رئيس تحرير جريدة " القاهرة " لم يغير منهجه الذي خطه لنفسه في التعامل مع من يأتي لمنصب الوزير سواء أكان فاروقا أو جابرا أو صاويا أو حواسا أو عمادا، فها هو ينشر في عدد واحد ثلاث صور لعماد أو غازي في عدد واحد، صورة في الصفحة الأولى وهو مبتسم ومرتد نظارتيه يخالط سواد شاربه بياض خفيف وفي الصفحة الثالثة صورة طولية لسيادته تصل لركبتيه وهو واقف وممسك بيسراه كتابا بينما يلوح من جيب بدلته العلوي قلم جاف، وفي الصفحة الثامنة تتكرر نفس الصورة الكبيرة بمصاحبة مقال كبير للشاعر مهدي بندق يدافع فيه عن الوزير الجديد بعنوان " مواسم الهجوم على وزارة الثقافة " .


نعم من حق المناضل اليساري القديم أن يغير نضاله فيصبح مهادنا ومطبطبا ومجاملا كما يحلو له، ويغير يساريته ويجلس في أقصى يمين اليمين، لكن الأمور – كلها – لها حدود، واحترام عقلية المتلقي ينبغي أن يوضع في الحسبان، وما كان يمكن أن نقبله قبل 25 يناير ينبغي أن نرفضه بعد هذا التاريخ، والذي يريد أن يطبل وبزمر للوزير – أي وزير – عليه أن يوقف اللحظة التاريخية بحيث لا تصل إلى 25 يناير أو يريح ويستريح، لكي لا يتكرر ما حدث، لأنه ببساطة شديدة وبعد مرور وقت قليل سيعتاد السيد عماد أبوغازي على هذا المديح الذي يكيله له أمثال الشاعر مهدي بندق وهم كثيرون ويستطيع السيد صلاح عيسى بموروثه النضالي القديم أن يبحث عنهم في أقاليم مصر وربوعها، وسوف يعتاد السيد الوزير على صوره الكثيرة في الجريدة وسوف يأتي اليوم الذي يؤنب فيه رئيس التحرير لأنه لم ينشر له صورته وهو واضع ساقا على ساق، أو وهو ممسك بقلمه في حالة استلهام لفكرة استشرافية وعيناه مركزتان على شيء ما.


وبعد


فنحن – أيها السادة الموقرون - لم نقرفص أرجلنا في مساءات ميدان التحرير يضربنا المطر ويلفحنا البرد ويشرخ الهتاف حناجرنا لكي نعرف من جريدة المناضل اليساري السيد صلاح عيسى إن كان عبد الحليم حافظ قد تزوج سعاد حسني أم ان الأمر مجرد أكذوبة أطلقها في وجوهنا – ذات نهار مشمس – الرفيق المحاور مفيد فوزي ؟ !


أظن أن أكثر من أحد عشر عاما وقت كاف تماما لإنهاء حالة اغتصاب مجلة، ووقت كاف تماما لكي نعرف من خلاله قدرات رئيس تحريرها الصحافية، ووقت كاف تماما لتفعيل أحد أهم مباديء ثورة 25 يناير وهو عودة الحقوق إلى أصحابها .


اللهم قد بلغت


اللهم فاشهد .



جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger