الاثنين، 18 مارس 2013

فيلم "الشتا اللي فات": شهادة سينمائية بليغة عن الثورة!



  


أمير العمري




لاشك أن فيلم إبراهيم البطوط "الشتا اللي فات"، ثالث أفلامه الروائية الطويلة، يعد أهم وأفضل ما ظهر من أفلام عن الثورة المصرية، سواء من ناحية الدقة والموضوعية والقدرة على التأثير إلى جانب براعة المستوى الفني والشمولية، دون أي شعارات أو إدعاءات، وبعيدا عن المبالغات الميلودرامية.. آفة الفيلم المصري المزمنة.
فيلم "الشتا اللي فات" ليس فقط رؤية بصرية مذهلة عن ذلك الغضب المشحون الذي ظل يتصاعد وصولا إلى انفجار الثورة في يناير 2011، بل وشهادة مؤثرة وبليغة عن "عصر التعذيب" وعن الرعب الذي يعيشة فيه المصريون الذين يتطلعون إلى نهضة بلادهم في ظل "الدولة البوليسية" منذ أكثر من ستين عاما، فتفكيك هذه الدولة القمعية لا يتم سوى من خلال سلطة ثورية حقيقية تدعمها الجماهير.


دقة هندسية
فيلم البطوط قائم على سيناريو متوازن مصنوع بدقة هندسية: ثلاث شخصيات: الناشط السياسي عمرو (عمرو واكد)، مذيعة التليفزيون فرح (فرح يوسف) وضابط أمن الدولة آدم (صلاح الحنفي).
يبدأ الفيلم بقبلة لا تكتمل بين عمرو وفرح.. ربما تكون في خيال عمرو.. فالحب بينهما لم يكتمل، ولاشك أننا سنعرف السبب من دون أن يصرح لنا الفيلم من خلال الحوار، فالحوار في الفيلم عموما ليس حوارا يشرح ويفسر بل حوار محدود المساحة، يهمس أكثر مما يصرخ، فالصراخ سيأتي من حوار من نوع آخر، هو الحوار بين أجهزة التعذيب التي يمارس من خلالها "عنف أجهزة أمن الدولة"، وبين أجساد الشباب المعتقل الهزيلة.
اليوم 25 يناير 2011.. يوم سيكون له شأن خاص في تاريخ مصر. بطلنا يفتح باب شرفة مسكنه لنكتشف أنه يقيم في شقة يواجهها حائط أصم، وكأنه سجين اختار عزلته بنفسه أو ربما فرضت عليه.
عمرو متردد، خائف، لا يريد أن يغادر المسكن ليرى ما سر كل تلك الحركة والهتافات والضجيج والمطاردات التي تحدث في الخارج والتي تتناهى إلى أسماعه. جاره يتحدث عن مظاهرة كبيرة في الطريق. عمرو يحبس نفسه داخل شقته، لكنه يراقب كل ما يحدث في العالم من خلال شاشة الكومبيوتر وشبكة الانترنت (هو مصمم مواقع وخبير بعالم الكومبيوتر والانترنت).. لكن السبب الحقيقي لهذه العزلة والوجل والتردد هو الخوف الذي جاء نتاجا لما مر به من تجربة خاصة مع السلطة.
إنه جالس، يشاهد عبر شاشة الكومبيوتر شريطا سبق أن سجله، يحوي شهادة شاب يروي قصة اعتقاله في مطار القاهرة ثم تعرضه للتعذيب بعد عودته من البوسنه حيث كان يقوم بتصوير الحرب التي كانت تدور هناك في التسعينيات.. إنها قصة شقيق ابراهيم البطوط التي أصبحت معروفة الآن، وما جرى له على يد شرطة أمن نظام مبارك عام 1996. والشخص الذي نراه على الشاشة هو الشخص الحقيقي.. وهو يتحدث عن الصعق بالكهرباء.. في مشهد ربما يكون أكثر مشاهد الفيلم امتلاء بالتأثير الدرامي: صوت وكأنه صوت قطارات الأنفاق التي تجري تحت الأرض، بكاء مكتوم.. الشاب يريد أن يصرخ وهو يتذكر ويروي قصته، لكنه عاجز حتى عن الصراخ. إن ألمه حقيقي تماما، فهو لا يؤدي دورا بل يسترجع حقيقة ما وقع له.

سنعرف بعد ذلك كيف اعتقل بطلنا عمرو قبل سنتين وتعرض للتعذيب القاسي في مشهد آخر من أقوى مشاهد الفيلم بسبب واقعيته ونجاح البطوط في إخراجه من الناحية التقنية واستخدامه للزوايا وأحجام اللقطات وتركيب اللقطات معا بحيث نجح في خلق إيقاع سريع يقدم للمشاهد في واقعية شبه تسجيلية، تفاصيل ما يحدث في غرف التعذيب القابعة تحت الأرض في مباني أجهزة الأمن.


أكاذيب الإعلام
لكننا الآن ما زلنا في 25 يناير. وننتقل إلى المذيعة- فرح- التي تقدم الأخبار والبرامج الإخبارية وتجري مع زميلها "تامر" المقابلات في البرامج الإخبارية التي يقدمها التليفزيون المصري. لكن التليفزيون لا يبث حقيقة ما يجري في الشارع، وعندما يستضيف فإنه يستضيف اثنين من كبار ضباط الشرطة، يقللان كثيرا من شأن ما يحدث، و ينصح أحدهما يضرورة قطع وسائل الاتصال كأفضل وسيلة للتغلب على المشكلة القائمة.
أما ضابط أمن الدولة (آدم) الذي يراقب من مكتبه البرنامج التليفزيوني فأمامه الكثير من العمل مع زملائه رغم استهانته الظاهرة من المظاهرات.
يستمر الفيلم لنرى كيف يتعامل الضابط مع رجل.. يفترض أنه شيخ من شيوخ المساجد، يبدو أنه "خرج عن الخط" ذات مرة، فام استدعاؤه إلى مقر أمن الدولة حيث يرغمونه هناك على شرب كميات كبيرة من الماء لكنهم يمنعونه من الذهاب إلى دورة المياه إلى أن يتبول على نفسه، كنوع من العقاب المخفف أو الإنذار كما يقول له الضابط حتى لا يكررها مرة أخرى!
تدريجيا ومع تصاعد أحداث الثورة.. تدرك فرح أنها تخون نفسها ورفاقها حينما تقبل أن تمارس لعبة الكذب التي يصر عليها زميلها تامر فتترك العمل وتنضم للثوار.
وعندما يعجز الضابط عن السيطرة على الموقف كما كان يتصور يقوم بإرسال أسرته إلى مسكنه الفخم في العين السخنة أي بعيدا عن القاهرة، ويوزع الأسلحة البيضاء على البلطجية لكي يتولوا ترويع المواطنين.
ونرى تصويرا جيدا واقعيا لكيفية تعامل الشباب مع الفوضى الأمنية عن طريق تشكيل مجموعات الحماية المدنية أو اللجان الشعبية، وكيف يحدث الصدام بين الشباب والبلطجية، وكيف تتعرض فرح وأحد زملائها الشباب لحادث ترويع وبلطجة.
كل هذه الأحداث التي ينسجها السيناريو ببراعة حول الشخصيات الثلاث، يتم تداخلها مع خطابات الرئيس السابق حسني مبارك الثلاثة التي يرفض فيها باستمرار أن يترك السلطة، مرددا وعود لا يصدقها أحد، وصولا إلى إعلان تخليه عن السلطة تحت الضغط الشعبي الهائل. وهنا تدخل الكاميرا للمرة الأولى إلى ميدان التحرير. فنحن لا نرى الميدان سوى في المشاهد الأخيرة من الفيلم.


تداخل الأزمنة
يعتمد البطوط في بناء فيلمه على التداخل بين الأزمنة: الحاضر والماضي والماضي القريب، والانتقال فيما بين هذه الأزمنة بسلاسة تامة وفي سياق مفهوم للمشاهد، حيث يمكنه الربط بين المشاهد المختلفة، وفهم دلالاتها في السياق.
عندما يطلب عمرو من بواب مسكنه أن يأتيه بكميات كبيرة من الأطعمة والسجائر نفهم أنه قرر أن يمكث في بيته لا يغادره وأنه يتحسب لاتساع نطاق المظاهرات الشعبية.
وعندما يقوم ببث شهادة المذيعة فرح عبر الانترنت وإخفاء الأسطوانة التي سجلت عليها الشهادة المصورة، نعرف أنه سيجلس بعد ذلك في انتظار الاعتقال. وهو يعتقل ويتم تعذيبه بالفعل مع مجوعة من الشباب في مشاهد مبتكرة منها ذلك المشهد الهائل الذي يصوره البطوط في مساحة كبيرة خربة مهدمة لا نعرف في أي مكان بالضبط يمكن أن توجد، مكان يستخدمه رجال أمن الدولة، حيث يضعون مناضد ومقاعد في صف طولي أي أمام بعضها البعض، ويجلس كل معتقل وأمامه مباشرة يجلس ضابط من ضباط أمن الدولة يستجوبه ويوجه له التهديدات والإهانات، وتتحرك الكاميرا تدريجيافي حركة "تراكنج" لتنتقل من المنضدة الأولى إلى الثانية حتى الأخيرة والتي نرى حولها عمرو والضابط الذي يستجوبه وآدم.. ضابط أمن الدولة المسؤول عنه مباشرة والذي أطلق سراحه من قبل بشروط. هنا تتوقف الكاميرا ويدور الحوار الذي ينتهي بصمود عمرو واستهانته بالضابط، لقد استرد قوته أخيرا وأصبح لا يهاب الموت.
عبارات الحوار في هذا المشهد طريفة وساخرة، والمشهد يجسد على نحو ما، سواء من حيث زاوية الكاميرا أو التكوين كيف أن المعتقلين الشباب أقوى من سجانيهم الذين يستجوبونهم!

طابع حداثي
يستخدم البطوط في فيلمه شاشات التليفزيون والكومبيوتر وكاميرا الفيديو كثيرا، مما يضفي طابعا حداثيا على الفيلم، فمصر 2011 ليست كمصر 1977.. عمرو يشاهد الكثير من الأحداث عبر الكومبيوتر وشاشة التليفزيون: الانترنت والأسطوانات وتسجيلات الفيديو القديمة، رغم أنه سجين في شقته تقريبا لخوفه من عاقبة التحامه بالشارع. وأسرة فرح تشاهد ما يحدث من مظاهرات عبر قناة تليفزيون بي بي سي. وضابط أمن الدولة يشاهد برنامج "قلب البلد" الذي كانت تعمل فيه فرح وهو في مكتبه، والشيخ المعتقل داخل غرفة أمن الدولة يشاهد الأخبار في التليفزيون من داخل امكتب الذي حبسوه فيه (تنقل أخبار التليفزيون الغارات الإسرائيلية على غزة) وحينها يتدخل الضابط ويدير مؤشر التليفزيون إلى قناة تبث أغنية. في القناة التليفزيونية نشاهد عبر شاشات غرفة التحكم صناعة الكذب على المشاهدين، وكيف يستعينون برجل يتصل تليفونيا من داخل القناة موهما جمهور المشاهدين بأنه يتحدث من ميدان التحرير حيث يقوم بتشويه الشباب المتظاهر على النحو الذي كان سائدا إبان تلك الأحداث. خطابات مبارك تظهر على شاشة التليفزيون. تستخدم فرح الكاميرا من فوق سطح إحدى البنايات لتصوير الشباب الذي يشارك في الثورة في أسفل.. في الشارع، كما تستخدم الكاميرا لتسجيل شهادتها (بدون مكياج)..إلخ
في الوقت نفسه يستخدم البطوط أسلوب كتابة تواريخ الأحداث على الشاشة أي التواريخ التي تعكس تطورات أحداث الثورة، إمعانا في تأكيد طابع الواقعية التسجيلية. وبوجه عام يمزج البطوط بين التسجيلي والروائي في فيلمه في بعض المشاهد بمهارة ودون أدنى إقحام. ولعله كما صرح، قام بتصوير جانب من أحداث الثورة- والفيلم، في ميدان التحرير في اليوم الذي سبق سقوط مبارك. ولاشك أن هذه المشاهد أضفت الكثير من الواقعية والصدق على "صورة" الفيلم خاصة وأن ظهور عمرو واكد فيها بدا مقعنا وطبيعيا.
إضاءة شقة عمرو خافتة الإضاءة، فهو منغلق على نفسه، كأنه يتفادى أن يراه أحد. يتوجس حتى عندما يسأله ابن جارته الطيبة عما يجري فيجيبه: لا أعلم. الأجواء أجواء خوف وقلق وترقب.
إضاءة مكاتب أمن الدولة وأقبيتها أيضا ذات إضاءة خافتة، وهو ما يتسق مع طبيعتها وطبيعة ما يجري في داخلها. ومصدر الضوء عادة محدود يحاكي الضوء الطبيعي، ولا توجد أي لقطة في الفيلم تضاء إضاءة ساطعة لتنوير الكادر على طريقة هوليوود التقليدية، ومشاهد الثورة ليلية في معظمها أي خافتة الإضاءة أيضا.. إنه ضوء الشتاء!
ويجسد البطوط مظاهر التعذيب بشكل واقعي تماما: تعليق المعتقلين من القدمين وضربهم بالأسلاك واستخدام الصدمات الكهربائية والاغراق في الماء.. وغير ذلك. وبذكاء شديد يصور البطوط إثنين من حراس السجن وهما يتناقشان حول: من منهما سيقبض الجمعية أولا، وفي مقابل هذه الحالة البائسة، يصور كيف تعيش أسرة آدم.. ضابط أمن الدولة، في رفاهية، تخدمها مربية فلبينية، وكيف يمتلك شقة فخمة وسيارة فارهة كما يمتلك ذلك الشاليه في منتجع العين السخنة على ساحل البحر الأحمر.
ولا ينتهي الفيلم نهاية سعيدة رغم أننا نعرف أن عمرو يعود إلى حبيبته فرح وربما سيتزوج الإثنان قريبا بعد أن توحدا معا في الثورة، فنحن نراهما معا على أحد جسور النيل في القاهرة وأمامهما كاميرا تصورهما على خلفية النيل معا. لكن هذه النهاية التي تبدو رومانسية هي في الحقيقة ليست كذلك، فنظرات الإثنين مليئة بالتوجس والحزن والقلق. القلق على مصير الثورة التي يقول لنا البطوط إنها لم تكتمل.

عن الإخراج
يبدو إبراهيم البطوط في فيلمه الثالث، أكثر خبرة ومهارة في التعامل مع الكاميرا برصانة، فهي تتحرك وقتما ينبغي أن تتحرك (لتعقب رجال الشرطة وهم يقومون بتفتيش شقة عمرو وتحطيم قطع الأثاث والأدوات الصحية بوحشية) ويعرف كيف يستفيد من الموسيقى (التي تعكس الترقب والتوتر والقلق والغضب) والمؤثرات الصوتية، ويخلق منها مع الصورة، إيقاعا متصاعدا سلسا رغم التداخل في الأزمنة كما أشرنا، كما يركز على استخدام اللقطات القريبة، ويمنح الممثلين مساحة للتعبير بتلقائية والاندماج معا وكأنهم يعيشون الحدث، في تناغم بديع. ولاشك أن وجود عمرو واكد في الدور الرئيسي في الفيلم ساهم في أن يأتي أداء الممثلين من حوله، ومعظمهم من المبتدئين أو الهواة، على كل هذا النحو من البساطة والعمق. أداء محكوم لا إفراط فيه في التعبير عن المشاعر.
صلاح الحنفي الذي اكتشفه البطوط بالصدفة في "الميدان" أي ميدان التحرير، قوة تمثلية كبيرة في دور ضابط أمن الدولة "آدم". ولاشك أنه سيواجه الكثير من الإغراءات مستقبلا للقيام بأدوار مشابهة عليه أن يفلت منها سريعا ويفرض نفسه بموهبته، كممثل غير نمطي.
فرح يوسف: ملائمة بطزاجة وجهها لدور المذيعة المتماثلة مع "النظام" رغبة في الصعود، شأن معظم فتيات البورجوازية الصغيرة في عالمنا، إلا أنها تحسم ترددها مع إدراكها بأنه "لم يعد في الإمكان أبشع مما كان" وأنه حان الوقت للانضمام للثورة مهما كانت العواقب!
في نهاية الفيلم تنزل معلومات دقيقة على الشاشة تضم أرقاما وأسماء: عدد الذين استشهدوا أمام ماسبيرو (حيث يوجد مبنى التليفزيون المصري) في المواجهات العنيفة مع الجيش، وكيف استشهد 286 شخصا خلال أقل من عام، وجرح 8469، وفقد 271 عيونهم، واغتصبت 27 ناشطة سياسية، ووقعت كشوف العذرية على بعضهن، وأنه لايزال هناك 12 ألف سجين مدني في سجون عسكرية طبقا لأحكام عسكرية... وأن "العد مازال مستمرا"- كما يقول العنوان النهائي.
 لقد تحررت الإرادة، وانطلق عمرو من محبسه لكي يشارك الجماهير إحساسها بالحرية، لكن اللقطة الأخيرة تشي بالترقب والتوجس، بانتظار القادم.. وهو ثقيل لكن عمرو فرح وأمثالهما مصرون على عدم التراجع.

الأربعاء، 13 مارس 2013

تحقيق مجلة الكواكب حول بيان أمير العمري بشأن مهرجان الإسماعيلية

الأحد، 10 مارس 2013

إستقالة سمير فريد من اللجنة الهزلية للمركز القومي للسينما






قبل بدء الندوة الأسبوعية لجمعية نقاد السينما يوم الأحد 10 مارس علق الناقد السينمائي الكبير سمير فريد ساخرا على اجتماع لمجلس ادارة المركز القومي للسينما واصفا ما فعله كمال عبد العزيز بأنه مهزلة حينما اقترح اسم مدير لمهرجان الاسماعيلية السينمائي خلال حضوره في اللجنة مما فاجأ جميع الاعضاء فصمتوا مصدومين من انعدام اللياقة الذي جعله يطرح اسم مرشح لادارة المهرجان في وجود الشخص المقصود لاحراج الجميع، وعندما صمت الجميع أعلن كمال عبد العزيز وكأنه يسخر منهم جميعا، وهو يضحك: إذن موافقة بالاجماع!!
وكان أمير العمري المدير السابق للمهرجان قد أعلن تفاصيل انهاء دوره وتوقفه التام عن تمثيل المهرجان منذ عدة أشهر في بيان أصدره أخيرا وفي اليوم التالي لصدور البيان أعلن المركز القومي للسينما أو اضطر لإعلان اسم مدير جديد للمهرجان، دون أن يكون قد صدر من وزير الثقافة قرار بتعيينه حتى الآن، كما لم يصدر قرار وزاري أصلا باقامة الدورة القادمة.. علما بأن موظفا إداريا صغيرا هو من يدير حاليا المركز القومي للسينما أي أنه المدير الفعلي الذي يوقع نيابة عن رئيسه المصور كمال عبد العزيز الذي لا يحضر لمباشرة وظيفته إلا قليلا، وهو أيضا الذي يملي على مدير المركز ما يفعله لأن المدير الجديد للمركز غير متفرغ ولم يحصل على أي تدريب حقيقي قبل ان يباشر مسؤوليته في إدارة مركز يعمل فيه 550 موظفا. ويسخر العاملون في المركز حاليا من الخضوع الذليل من جانب رئيس المركز لوصايا هذا الموظف المعروف بصلاته بأجهزة الأمن!


وكان سمير فريد قد أعلن في مقال له بجريدة المصري اليوم، أنه استقال من كل لجان وزارة الثقافة (إقرأ مقال سمير فريد في العمود الأيمن من هذه الصفحة) التي كان عضوا بها بعد أن ثبت له أنها شكلية وفارغة من المضمون، وخصوصا بعد الاجتماع الفضائحي للجنة إدارة المركز القومي لسينما وثبوت أن مدير المركز الجديد المصور، كمال عبد العزيز، يستخدم هذه اللجنة التي أعاد تشكيلها بالاتفاق مع المدعو خالد عبد الجليل المسؤول في وزارة ثقافة حكومة الإخوان المتأسلمين، لتمرير قرارات رآها سمير خاطئة ومراهقة ويفرضها أثناء اجتماع اللجنة بدون أي مناقشة حقيقية كأن يعرض تعيين مدير جديد لمهرجان الاسماعيلية أثناء وجوده كعضو في اللجنة في تصرف لا مثيل له ويخالف كل التقاليد، ويقول أمام الجميع: طبعا كلنا موافقين.. مما دفع سمير فريد إلى مغادرة اجتماع اللجنة غاضبا وعرض بعدها استقالته من اللجنة الشكلية.

الأربعاء، 27 فبراير 2013

أمير العمري: مهرجانات السينما في مصر مثل "ليلة الزفة"!



أجرت الصحفية مريم عاطف مقابلة مع الناقد أمير العمري لصحيفة "الأهرام" المصرية، بشأن البيان الصحفي الذي أصدره أخيرا حول نهاية دوره كمدير لمهرجان الإسماعيلية السينمائي، لكن "الأهرام" لم تنشر سوى مقطعا قصيرا منه في صفحتها الأخيرة. هنا النص الكامل للمقابلة...


* وصفت حضرتك مهرجانات وزارة الثقافة إنها مثل ليلة الزفة، ماذا تقصد بهذا الوصف ولماذا؟

* إن منطق الوزارة في إقامة مهرجانات السينما في مصر أن المهرجان مثل "ليلة الزفة" أي حفلة يلقي فيها الوزير والمحافظ وغيرهما من المسؤولين كلمات دعائية الطابع تسعى لتجميل دور الوزارة بل والنظام السياسي نفسه، ويصعد خلال تلك "الزفة" عدد من النجوم على خشبة المسرح.. ثم يقام حفل عشاء كبير أي وليمة من ولائم العرب، وينتهي الأمر بالنسبة لهم، وليس المهرجان عندهم تظاهرة ثقافية متعددة الأوجه، فلم نجد أن وزيرا حضر، في أي مرة مثلا، ندوة دولية مهمة من الندوات التي تقيمها المهرجانات كما حدث في الاسماعيلية، وذلك على العكس مما نراه في مهرجانات العالم مثلا. وقد قصدت من التعبير أن المهرجان بمنطق وزارة الثقافة مجرد احتفالية وليس نشاطا ثقافيا عميقا وجادا.. ومفهومها هذا ينطبق على السينما تحديدا.


* يدافع وزير الثقافة عن موقفه فى عودته للوزارة، كيف ترى هذا؟
الوزير يستقيل مرتين ويعود في استقالته ويجد دائما المبررات الجاهزة، فهو على سبيل المثال لم يقل لنا أصلا لماذا استقال في المرة الأولى في حين أن العالم كله يعلم أنه استقال لكي يحصل على جائزة الدولة التقديرية (200 ألف جنيه) لأنه لم يكن ليحصل عليها لو ظل وزيرا مسؤولا عن منح الجوائز باعتباره رئيس للمجلس الأعلى للثقافة. وفي المرة الثانية قيل لنا إن الوزير استقال احتجاجا على سحل مواطن مصري في الشارع على أيدي (أو بالأحرى أقدام!) قوات الأمن.. فهل توقف السحل لكي يعود الوزير ام أنه أصبح يمارس يوميا بشكل اعتيادي هنا وهناك كما يمارس قتل الأبرياء أيضا! ولماذا لا توجهي سؤالك هذا أيضا إلى وزير الثقافة نفسه.. لماذا لا يتطرق لهذه النقطة تحديدا، بل هو يكتفي بالقول إنه عاد لكي ينقذ الثقافة المصرية ويحافظ عليها، وماذا سيحدث للثقافة المصرية في حالة الاستتغناء قريبا عن خدمات الوزير بعد الانتخابات؟ هل ستتوقف بسبب غياب محمد صابر عرب!


* هل سيقام مهرجان الإسماعيلية هذا العام؟
لم لا توجهي هذا السؤال إلى كمال عبد العزيز مدير المركز القومي للسينما الذي فشل، كما ذكرت في بياني، في إقامة المهرجان القومي للسينما المصرية المتوقف منذ عامين كما فشل في تنظيم المسابقة التي ابتكرها هو نفسه وروج لها باعتبارها حدثا كبيرا، والخاصة بمنح عشرين ألف جنيه كجائزة لأحسن فيلم تسجيلي عن الثورة. من جهة أخرى هل يمكن قيام مهرجان دولي في محافظة الاسماعيلية في ظل وجود حالة طواريء وحظر تجول جزئي هناك رسميا على الأقل، مه وجود كل هذا الاحتقان في الشارع فيما الوضع مرشح لمزيد من الانفجار مع بدء الانتخابات البرلمانية التي ستستمر الحملات لها لأربعة أشهر، وهل سيوافق محافظ الاسماعيلية على إقامته في هذه الظروف المحتقنة. وهل سيقام المهرجان في موعده المحدد في 8 يونيو؟ وهل يمكن الإعداد لحدث دولي كبير ومميز في ثلاثة أشهر؟ لا علم لدي لكن يراودني الكثير من الشك!


* هل من الممكن أن تعود فى قرارك عن استقالتك من مهرجان الإسماعيلية؟ 
الخروج من هذه التجربة قرار نهائي مرتبط بالتدهور الحالي في وزارة الثقافة بل وفي مؤسسات مصر كلها.. ليس من الممكن أن أعمل مرة أخرى، لا في هذا المهرجان ولا في غيره من المهرجانات المصرية، في ظروف عشوائية مع إعتلاء أشخاص لا يفهون شيئا في طبيعة المهرجانات ورغبتهم في أن يكونوا "رؤساء" و"كبراء" بحكم كونهم موظفين في دولة فاسدة لم يتغير فيها شئ.. لكي نؤسس لمهرجانات سينمائية حقيقية لابد أن يوجد فريق يعمل على مدار العام لأن المهرجان ليس مثل جمع اللطعة في دودة القطن يمكن أن نجمع له مجموعة من عمال التراحيل الغلابة لتشغيلهم باليومية. الوزارة لم تحترم القرار الذي أصدره الوزير المحترم شاكر عبد الحميد بالتعاقد معي لعامين (بمعنى 3 دورات وليس دورتين فقط!) وهو قرار صادر عن مجلس إدارة المركز القومي السابق الذي لم يعجب صابر عرب وحله وشكل مجلسا جديدا ضم إليه الممثلة ليلى علوى وإثنين من منتجي السينما الذين يرضى عنهم!


* لماذا كان بيانك شديد التشاؤم عن الثورة حيث قلت انك تستقيل بعد فوز الثورة المضادة؟
الثورة في أي مكان تقوم من أجل دفع المجتمع إلى الأمام، نحو إقامة مجتمع ديمقراطي مستنير ودولة تحترم القانون والحريات العامة، فإذا جاءت قوة رجعية موغلة في النكوص عن الحاضر ولا ترى المستقبل بل تود العودة إلى الماضي السحيق، إلى الحكم.. أليس معنى هذا أن الثورة المضادة للتقدم هي التي انتصرت وهي التي تحكم الآن في مصر؟ ووزير الثقافة صابر عرب يعمل في خدمة الحكومة التي شكلتها الثورة المضادة ومع نفس عناصر النظام القديم الذين مازالوا في مواقعهم في وزارته.. هذه حقيقة. نعم الثورة مستمرة في موجات لكن في الوقت الحالي الذي انتصر ووصل للسلطة وأبقى على مجموعة الحرس القديم في وزارة الثقافة وغيرها، هي جماعات الفاشية الدينية وهي قوى مضادة للتقدم الاجتماعي، فهم يريدون فرض الحجاب على النساء وتزويج الأطفال، وتقنين قتل المتظاهرين (الذين لولا ثورتهم لما جاءوا للحكم) كما اأهم يستعدون للإفراج عن كل مجرمي النظام القديم مقابل تسويات مالية. أليس معنى هذا أن الثورة المضادة في الحكم وهي التي انتصرت حتى إشعار آخر.. كيف سيعمل أمير العمري في ظل هذا النظام وأنا الذي اعلنت في تصريح شهير عندما بدأت العمل مديرا للمهرجان أنني لن أسمح بعرض الأفلام على الرقابة لأن افلام المهرجانات لا يجب أن تخضع للرقابة، فجاءني إنذار في اليوم التالي من مدير الرقابة السابق (سيد خطاب) بضرورة عدم التحريض على خرق القانون. هل ستسمح الفاشية الدينية بعرض الافلام بحرية ومناقشتها بحرية في المناخ القمعي الحالي؟
محمد صابر عرب وزير الثقافة



* ما موقف مجدى أحمد على من نهاية دورك في المهرجان؟
لا أعلم بل يجب توجيه هذا السؤال إليه.. وعموما مجدي يعتبر نفسه بعيدا عن النشاط العام منذ تقاعده في أغسطس الماضي وقد إختلف بشدة مع الوزير صابر عرب بسبب سياسة الوزير من مهرجان القاهرة السينمائي ورجوعه عن إسناد المهرجان لمؤسسة برئاسة يوسف شريف رزق الله حسب قرار مجلس إدارة المركز القومي في عهد مجدي، وإسناده للحرس القديم من فلول نظام مبارك الذين ينتمي إليهم الوزير نفسه!


* وما موقف كمال عبد العزيز رئيس المركز القومى للسينما من استقالتك؟
لم أبعث باستقالة إلى كمال عبد العزيز، ولا إلى خالد عبد الجليل رئيس ما يسمى بقطاع الإنتاج الثقافي وهو في الحقيقة الذي يملي على كمال عبد العزيز ما يتعين عليه أن يفعله، فهؤلاء القوم لا يستحقون أصلا أن أن تقيمي لهم أدنى اعتبار لأنهم يبحثون عن أمجاد شخصية زائفة في حين أنهم لا يتمتعون بأي كفاءة حقيقية ولا معرفة، ومن ضمن مشاكلي مع أمثال هؤلاء أنهم لا يستطيعوا أن يلعبوا دور الرئيس على شخص مثلي، فهم يريدون مديري مهرجانات من نوع "شيالي الشنطة" للمسؤول أو ممن ينحنون ويقبلون الأيادي ويسمعون الكلام ويكتبون التقارير ولا يتمتعون بأي استقلالية وهذا هو منطق العمل في وزارة الثقافة وغيرها من أجهزة الدولة المصرية منذ زمن ومن يريد أن يتقلد مناصب عليا عليه أن ينصاع ولست كذلك فانا مستقل منذ أن ولدت وبدأت العمل العام. عندما أدرت الدورة الماضية لم أسمح لأي مخلوق بالتدخل في عملي، مما أثار علي حنق المسؤولين ولكن دون أن يجرؤا على إعلان اعتراضهم لأنهم كانوا يعلمون أنني محق. إنهم عادة يحترمونك، ويعرفون مقدار كفاءتك، لكنهم لا يحبونك بسبب التزامك بالقواعد أي قواعد اللعبة وعدم الخضوع للتهريج والمجاملات وأشياء أخرى أستطيع أن أروي لك الكثير منها تتعلق بالفساد، ولكن هذا ليس مجال الحديث عنها!
لقد أعدت الإعتبار المفقود لمنصب مدير المهرجان (الذي يعتبره البعض منصبا أدنى من منصب الرئيس في مصر!) وفرضت ذلك بحكم اتفاقي مع مجدي أحمد علي الذي يفهم طبيعة عمل مدير المهرجان تماما لذلك لم يتدخل. لكن هذا كان يغيظ خالد عبد الجليل الذي كان يريد أن يفرض بعض الأشياء ومنها دعوة من يطبلون ويزمرون له.. وغير ذلك من فضائح.. لكنه لم يستطع أن يمرر شيئا، وقبل وصمت على مضض. هذا المناخ الفاسد لا يوفر لك متعة في العمل والتجويد والابتكار والمعرفة، وإذا سألتني ما الذي فقدته بعد أن أنهيت دوري في المهرجان أقول لك: لاشيء فالمهرجان هو الذي استفاد مني، لكني لم أستفد شيئا من وراءه بل عانيت معاناة شديدة وتعطلت عن أعمالي الخاصة ومزاولة إهتماماتي وخسرت أيضا الكثير من المال، وخصوصا أن العمل كان يعتمد على شخصي بالدرجة الأساسية، حيث لا يوجد سوى شخص أو إثنان لديهما بعض الخبرة في العمل بالمهرجانات في المركز القومي للسينما. وبالتالي يجاهد المرء من أجل القيام بأدنى الأعمال بما في ذلك الاتصالات. وقد قبلت القيام بالعمل في ظروف عسيرة وفي فترة زمنية محدودة على أن نعمل بعد ذلك على مدار العام لكن هذا الهدف لم يتحقق ولن يتحقق أبدا فوزارة الثقافة كما ذكرت ليست لديها سياسة ثابتة للمهرجانات بل تعتبرها كما سبق أن أشرت، مثل ليلة الزفة!
لم أرسل باستقالة لأحد بعد أن أخلت الوزارة بالاتفاق السابق مع الوزير السابق شاكر عبد الحميد وبقرار مجلس إدارة المركز القومي، وبالتالي لم أكن أتقاضى منهم مرتبا أصلا منذ أن انتهى العمل في الدورة السابقة في 30 يونيو 2012، وسمعت أخيرا أنهم اتفقوا مع منتج سينمائي على أن يتولى إدارة المهرجان. ومع كل التقدير والاحترام لشخصه، إلا أنني لم أسمع في حياتي وأنا أتجول منذ ثلاثين عاما بين عشرات المهرجانات السينمائية في العالم، أن منتجا سينمائيا تولى إدارة مهرجان سينمائي دولي. ولكن مصر بلد العجائب، ولذلك أصبحنا أضحوكة العالم!


* هل شاركت فى التحضير للمهرجان فى هذه الدورة أو لم يتم لها التحضير من أساسه؟
كنت قد أعددت حطة تفصيلية لملامح الدورة قدمتها كما ذكرت في بياني لكمال عبد العزيز بناء على طلبه واتصاله بإلحاح عدة مرات، وقال لي إنها خطة ممتازة وإنه سيعرضها على الوزير، لكنه اختفى بعد ذلك ولم أسمع منه منه شيئا وإنشغل أيضا في السفر للمهرجانات كممثل لمؤسسة السينما المصرية (المركز القومي). لكنهم الآن يلتقطون الجديد من خطتي ويعلنون في الصحف أنها من بنات أفكارهم وهذا في حد ذاته نوع من النصب والاحتيال بل والسرقة أيضا وعليهم أن يخجلوا من أنفسهم.. وسأنشر الخطة الكاملة قريبا جدا لكي يكف هؤلاء عن سرقة جهد وخبرة وأفكار الآخرين. وكنت قد اتفقت أيضا مع عدد من السينمائيين والنقاد الأجانب والعرب على عرض أفلامهم وضمهم للجنة التحكيم الدولية، كما اتفقت مع جهات دولية على أن تكون "رعاة" للمهرجان. لكن هذا كله تم بمبادرة شخصية مني وعلى نفقتي الخاصة عند سفري للمهرجانات الدولية ولكني توقفت بعد أن ايقنت انني أتعامل مع وضع عبثي ليس فيه أي نوع من الإستقرار، وهذا حال مصر كلها عموما في الوقت الحالي.
وقد أصدرت بياني الصحفي الأخير الذي نشرته وعلقت عليه جهات عديدة، بشأن نهاية دوري في المهرجان بعد أن عدت من مهرجان برلين السينمائي حيث تلقيت الكثير من الأسئلة من الأصدقاء سواء من الصحفيين أو السينمائيين، حول المهرجان ورغبتهم في المشاركة في دورته القادمة فكان لابد من توضيح الأمر للرأي العام لكي أخلي مسؤوليتي تماما.
جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger