السبت، 12 فبراير 2011

انتصار الثورة

هذا يوم للاحتفال فقط. هذا يوم للنصر.. لكي يفرح الثوار ويتأهبون لاستكمال ثورتهم إلى أن تحقق مشروع الدولة العصرية القائمة على النظام الجمهوري البرلماني وليس الجمهورية الرئاسية التي وضع أسسها جمال عبد الناصر في ظروف أخرى شديدة الاختلاف عن يومنا هذا.
إن كل أسس الاستبداد والحكم الفردي وتركيز كل السلطات في يد (الفرعون) الحاكم يجب أن تتلاشى ويجب أن نبدأ فترة ثقافة سياسية جديدة حيث يتم تدريس منهج متقدم في احترام حقوق الانسان على طلاب المدارس الثانوية، وتعليم مبدأ تبادل السلطة واحترام الرأي الآخر، وحرية الاعلام في كليات الاعلام. ونحن أيضا سننتظر حل جهاز أمن الدولة ومحاسبة الضباط الذين تورطوا في تعذيب الشعب، وإعادة بناء جهاز الأمن بحيث يصبح خادما للشعب، يحميه ويحترم القانون ويقوم بتطبيقه كما في كل بلدان العالم المتقدم.
وأما أزلام الاعلام الرسمي فيجب أن يخجلوا من أنفسهم، وأن يتوقفوا لمدة 5 سنوات على الأقل، عن الظهور في أجهزة الاعلام. إن هؤلاء الذين نطلق عليهم أحذية نظام مبارك الاستبدادي، آن الأوان أن يختفوا، وأن يبحثوا عن وسيلة للتكفير عن ذنوبهم وما ارتكبوه من جرائم "فكرية" في حق شعبهم، ومنهم عبد المنعم سعيد والسيد ياسين وصلاح عيسى ومجدي الدقاق وجهاد عودة وعبد اللطيف المناوي واسامة سرايا وعبد الله كمال وممتاز القط وعماد أديب ومصطفى الفقي وعمر عبد السميع وغيرهم.
إنه ليس وقت الانتقام. ولكنه وقت البناء والمستقبل. وسوف نترك هؤلاء الأحذية لحكم التاريخ لكي يضعهم في المكان المناسب.. أي في مزبلته!

الجمعة، 11 فبراير 2011

ثورة الشعب المصري تنتصر على الطغيان


انتصرت ثورة الشعب المصري التي استمرت لمدة 18 يوما على نظام الطاغية حسني مبارك الذي حكم البلاد لمدة ثلاثين سنة بشكل غير شرعي كرئيس مغتصب للسلطة وهو ما كنا نكشفه ونفضحه ونعارضه طيلة السنوات السابقة.
وبقى الآن أن تستمر الثورة لكي تضمن تنفيذ برنامج التغيير الديمقراطي الوطني واقامة مجتمع مفتوح يسمح بالحريات ويحتضن التعددية ويلغي الشعارات ويسقط كل الرموز البشعة التي ارتبطت بأنظمة المخابرات والبوليس والتعذيب والقهر. واليوم ونحن جميعا نحتفل بانتصار الثورة المصرية علينا ايضا ان ننظر الى هؤلاء الذين ربطوا انفسهم من المثقفين واشباه المثقفين بالنظام السابق البالي الذي سقط اليوم مع رحيل رأسه حيث سيذهب الى مزبلة التاريخ.. هؤلاء الذين اخذوا يجملون النظام وينافقون ويدبجون المقالات في مديح الفساد والترويج له علينا ألا نترك هؤلاء يعيدون تشكيل انفسهم مرة اخرى والبحث عمن ينافقونه.
وأنا شديد التفاؤل بيقظة الشباب .. شباب الثورة.. والوعي الكبير الذي يحكم الثوار.
وسنعود لنكتب في هذا بالتفصيل فيما بعد..

الثلاثاء، 8 فبراير 2011

البارك على عرش مصر: قال ثم فعل


انظر ماذا قال :
* لن أرحم أحدا يمد يده إلى المال العام حتى لو كان أقرب الأقرباء ، إننى لا أحب المناصب ولا أقبل الشللية وأكره الظلم ولا أقبل أن يظلم أحد وأكره استغلال علاقات النسب ( 18 أكتوبر 1981 جريدة مايو ) ..
* الكل سواء عندي أمام القانون ونحن لا نريد قانون الطوارئ ( 20 أكتوبر 1981 جريدة نيويورك تايمز ) ..
* لن أقبل الوساطة وسأعاقب لصوص المال العام ( 26 أكتوبر 1981 مجلة أكتوبر ) ..
* مصر ليست ضيعة لحاكمها ( المصور 30 أكتوبر 1981 ) ..
* الكفن مالوش جيوب ، سنعلى من شأن الأيادى الطاهرة ( خطاب له فى فبراير 1982 ) ..
ثم انظر ماذا فعل:
نهب أراضى مصر ( 1- 9 ) :
فى 12 نوفمبر 2007 وقف جمال زهران - نائب مجلس الشعب عن كتلة الإخوان المسلمين - فى البرلمان واتهم الحكومة بإهدار 800 مليار جنيه ، شرح زهران المبلغ بأنه عبارة عن مساحات كثيرة وكبيرة من أراضى مصر وزعت على كبار المسئولين بالدولة ورجال أعمال يدورون فى فلكهم ..
دلل النائب المذكور على كلامه بما أعلنه اللواء مهندس عمر الشوادفى – رئيس جهاز المركز الوطنى لاستخدامات الأراضى – حين قال أن نحو 16 مليون فدان قد تم الاستيلاء عليها من مافيا الأراضى وتقدر قيمتها بنحو 800 مليار جنيه ..
( تمثل المساحة المنهوبة – أى الـ 16 مليون فدان – ما قيمته 67.2 ألف كم مربع وهو ما يزيد عن مساحة الدول الخمس التالية مجتمعة : فلسطين التاريخية 26.6 ألف كم مربع ، الكويت 17.8 ألف كم مربع ، قطر 11.4 ألف كم مربع ، لبنان 10.4 ألف كم مربع ، البحرين 5.67 ألف كم مربع ) ..
يقع ضمن المبلغ المذكور – أى الـ 800 مليار - مبلغ يقدر بحدود 80 مليار جنيها ، وهو عبارة عن الأسعار السوقية للأراضي التى باعتها الدولة بثمن بخس إلى ست جهات فقط وهؤلاء هم : أحمد عز - مجدى راسخ - هشام طلعت مصطفى - محمد فريد خميس - محمد أبو العينين - الشركات الخليجية ( الفطيم كابيتال الإماراتية – إعمار الإماراتية – داماك الإماراتية – QEC القطرية ) ..

إننا نضع بين أيدى القراء فى هذه الحلقة الأرقام التالية والتى تدل بوضوح لا لبس فيه على نهب منظم لأراضى مصر ، وهو بهذه المناسبة قليل من كثير نتيجة سياسة الكتمان التى تفرضها أجهزة مبارك الأمنية :
1- خصصت الحكومة 100 كيلو متر ( 100 مليون متر مربع ) شمال غرب خليج السويس وقسمتها بين خمس جهات دون الإعلان عن مناقصات أو مزايدات وذلك بواقع خمسة جنيهات عن كل متر مربع ، إلا أن هذه الجهات دفعت جنيهاً واحدا عن كل متر وخصصت المنطقة المذكورة تحت ذريعة تنميتها ..
( أكد المهندس العالمى د. ممدوح حمزة والحاصل على 15 جائزة دولية أن المنطقة المذكورة لم تشهد أى تنمية وما يحدث ما هو إلا تسقيع للأراضى .. قدم د. حمزة إلى رئاسة الجمهورية فى عام 2004 ملفا كاملا عن الفساد فى وزارة الإسكان ، قام نظام مبارك بتلفيق تهمة اغتيال أربع شخصيات سياسية - فتحى سرور وكمال الشاذلى وإبراهيم سليمان وزكريا عزمى – إلى د. حمزة أثناء دخوله قصر برمنجهام فى لندن حيث كان يلبى دعوة للغداء على شرف الملكة فى قصر برمنجهام ، أحتجز د. حمزة لمدة عامين فى أحد سجون لندن حتى ثبتت براءته من بلاغ مبارك الكيدى .. يذكر أن الطاغية الفاسد كان أول المهنئين لحمزة عند خروجه من محبسه فى لندن !! ) ..
وهذه الجهات الخمس التى نهبت المنطقة المذكورة والتى دفع رجال الفرقة 19 بالجيش الثالث الدم الغالى فى استردادها هى كما يلى
- أحمد عز : تسلم 20 مليون متر مربع ( قيمتها السوقية بمبلغ 2.4 مليار جنيه ) وهو عضو مجلس الشعب عن الحزب الوطنى وأمين التنظيم الحالى .. أنشأ مصنعا للصاج بمساحة 150 ألف متر مربع وباع 150 ألف متر مربع إلى الملياردير الكويتى ناصر الخرافى بمبلغ 1500 جنها للمتر المربع ومازال يحتفظ بالمساحة المتبقية .

- محمد فريد خميس : تسلم 20 مليون متر مربع ( قيمتها السوقية 3.5 مليار جنيه ) وهو أحد كبار رجال الأعمال وعضو مجلس الشورى ورئيس لجنة الصناعة والطاقة ويملك شركة النساجون الشرقيون .. أنشا مصنعا للكيماويات بمساحة 20 ألف متر مربع وباع باقى المساحة فى صفقة ضخمة حققت عدة مليارات ، كما تذكر الأنباء أن الوزير سليمان قد خصص أيضا لخميس 1500 فدانا أخرى .

- محمد أبو العينين : تسلم 20 مليون متر مربع ( قيمتها السوقية 1.3 مليار جنيه ) وهو عضو الحزب الوطنى ورجل الأعمال المعروف وصاحب شركة كليوباترا للسيراميك .. أنشأ مصنعا للبورسلين على قطعته بمساحة 150 ألف متر مربع وممرا لهبوط طائراته الخاصة ( يملك ثلاث من نوع جولف ستريم ويقودها بنفسه ) بمساحة 50 ألف متر مربع وباع كل المساحة الباقية فى صفقة بعدة مليارات ..
- نجيب سايروس : تسلم 20 مليون متر مربع ( تقدر قيمتها السوقية بمبلغ 1.3 مليار جنيه ) ...أنشأ مصنعا للأسمنت على قطعته بمساحة 200 ألف متر مربع وباع كل المساحة الباقية فى صفقات بعدة مليارات .
- الشركة الصينية : وكان نصيبها أيضا مثل السابقين 20 مليون متر مربع ولم يتم استغلالها حتى الآن .
2- بجانب ما حصل عليه النائب محمد أبو العينين فى منطقة شمال غرب خليج السويس ، حصل أيضا على القطع التالية

- تخصيص 5000 فدان فى منطقة شرق العوينات غير معلوم تفاصيلها .
- تخصيص 1520 فدان فى منطقة مرسى علم وقد اشتراها بسعر دولار للمتر وسدد 20 % من المبلغ ثم أعاد بيعها بأسعار فلكية للملياردير الكويتى ناصر الخرافى وقدرت القيمة السوقية لهذه الأرض بمبلغ مليار و 260 ألف جنيه .
- وضع يده على 500 فدان على طريق مصر الإسماعيلية ، وهى أرض ملكا للدولة ممثلة فى شركة مصر للإسكان والتعمير .
- تم تخصيص له 1500 فدان ( 6.3 مليون متر مربع ) بمنطقة الحزام الأخضر بمدينة العاشر من رمضان .
3- خصصت الحكومة للمدعو مجدى راسخ - والد زوجة علاء مبارك هايدى راسخ – مساحة 2200 فدان ( 9.2 مليون متر مربع ) وذلك فى أفضل أماكن مدينة الشيخ زايد بسعر 30 جنيها للمتر ، لكن راسخ دفع مقدما بسيطا ولم يسدد المبلغ المتبقى .. تردد فى بداية عام 2006 عن وجود عرض من شخصية خليجية كبيرة بشراء تلك المساحة بمبلغ 10 مليار جنيها ( أى بسعر يزيد عن 1000 جنيها للمتر المربع ) ، ويذكر أن مجدى راسخ هو صاحب مشروع بيفرلى هيلز بمدينة الشيخ زايد والذى حقق من ورائه المليارات الكثيرة ، وله مساحات أخرى لم نتمكن من الحصول عليها منتشرة فى عدة أماكن إستراتيجية بمصر ..
4- خصصت الحكومة 9 آلاف فدان ( 37.8 مليون متر مربع ) لهشام طلعت – أحد أركان لجنة السياسات بالحزب الوطنى والموجود الآن فى السجن بتهمة قتل سوازان تميم بعد أن هددت الإمارات بسحب مدخراتها إذا أطلق سراحه – فى منطقة شرق القاهرة لإنشاء منطقة سكنية باسم مدينتى بسعر يبلغ 5 جنيهات للمتر ، تقدر القيمة السوقية للمتر المربع بها بمبلغ 3500 جنيه مما أهدر على الدولة مبلغا قدره 28 مليار جنيه ..
5- خصصت الحكومة وبطريقة البلطجة ووضع اليد جزيرة نيلية بالأقصر إلى المدعو حسين سالم تسمى جزيرة التمساح وذلك بمبلغ 9 مليون جنيها ، وأنشأ علها شركة التمساح للمشروعات السياحية .. تضم الجزيرة عشرات الأفدنة وسعرها الحقيقى لا يقدر بمال ، وإن كان قد قدر من قبل المختصين بأكثر من مئة ضعف ليقترب من مليار جنيه .. جزيرة التمساح تعتبر جوهرة لا تقدر بثمن بسبب موقعها الإستراتيجي المطل على مدينة الأقصر والتى تضم وحدها ثلثى آثار العالم ويتقاطر عليها السياح من أرجاء المعمورة ..
كما حصل وبنفس الأسلوب على أراضى شاسعة ومميزة فى شرم الشيخ وسدر ، ويذكر أنه يمتلك خليج نعمة حيث يقيم به حسنى مبارك بصفة شبه دائمة .. كما خصص لحسين سالم قصر ضخم أسطوانى الشكل مقام على مساحة 6000 متر مربع فى التجمع الخامس ، هذا بالإضافة إلى عدد كبير من المساحات تنتشر فى مختلف الأماكن فى مصر ..
يذكر أن مبارك نزع فى منتصف التسعينات ملكية أحد الأراضى فى سيناء من ماليكيْها خالد فودة ووجيه سياج – صاحب فندق سياج بالهرم – وأعطاهما بأسلوب البلطجة إلى حسين سالم بثمن بخس بناء .. أمضى سياج عشر سنوات فى المحاكم المصرية وحصل على أحكام منها كثيرة لتمكينه من أرضه ، رفض مبارك تنفيذها جميعا ولجأ إلى أسلوبه الكيدى الذى أشتهر به فقطع الخدمات عن فندق سياج بالهرم حتى ينهار وجيه سياج .. لجأ سياج والحاصل على الجنسية الإيطالية فى 2005 إلى المحاكم الدولية وفى يوليو 2009 حكمت لصالحه بتغريم مصر بمبلغ 134 مليون دولار ( حوالى 750 مليون جنيه ) ، وأذعن مبارك صاغرا إلى تنفيذ الحكم ، لكنه دفع هذه المبالغ سيكون – كما هو الحال دائما – من دماء شعب مصر !..
يمثل حسين سالم الرقم اللغز فى حياة حسنى مبارك ، هو شريكه فى شركة السلاح التى أنشأها فى باريس باسم " الأجنحة البيضاء " وقد وردت تفاصيل تلك القصة فى كتاب " الحجاب " للصحفى الأكثر شهرة فى العالم بوب وودوارد والذى صدر فى عام 1985 .. كما استولى حسين سالم على مبالغ كبيرة من البنك الأهلى فى ثمانينات القرن الماضى وأخرجه مبارك من القضية ومن الأضواء حتى ينسى الناس القضية بعد أن أثارها المرحوم النائب علوى حافظ فى البرلمان فى عام 1986، وعاد سالم فى التسعينات بأقدام ثابتة ليعمل فى السياحة فى سيناء من خلال تخصيص الأراضي له بثمن بخس ، وأخيرا يدير بعضا من المال الذى نهبه آل مبارك من خلال شركة شرق المتوسط حيث يقوم بتصدير الغاز إلى إسرائيل ، وهى قضية أصبحت معروفة لكل المصريين ..
6- خصصت الحكومة 1500 فدان لشركة أرتوك بثمن بخس على طريق مصر الإسكندرية الصحراوى والتى يمتلكها كل من إبراهيم نافع رئيس مجلس إدارة جريدة الأهرام وحسن حمدى عضو مجلس إدارة الجريدة ورئيس النادى الأهلى ، وقد تمت الصفقة على أن يترك حسن حمدى أرض النادى الأهلى فى مدينة 6 أكتوبر فى مقابل إتمام تلك الصفقة .. دفعت الشركة جنيهات قليلة فى ثمن الفدان الواحد ثم قسمت المساحة الكلية إلى قطع متساوية بمساحة 30 فدان مع فيللا لكل قطعة .. تم البيع بسعر 2 مليون جنيها للقطعة وكان من ضمن العملاء المليونير السعودى عبد الرحمن الشربتلى وكذلك السفير أحمد القطان مندوب السعودية فى الجامعة

الأحد، 6 فبراير 2011

10 حقائق و7 مقترحات


بقلم: محمد حسنين هيكل


الحقائق العشرة:

١- شعب فى طليعته شبابه الذى فتح أفق المستقبل أمامه.

٢- وجيش يملك ميزان القوة، وهو نفسه جيش الشعب وابنه.

٣- وأزمة حكم سقط ولا يريد أن يرحل، وفى سبيل البقاء، فهو يريد - بغريزة وحش جريح - أن يتمسك بموقفه، وأن ينتقم، ولا يبالى فى سبيل ذلك بأن تحدث فتنة كبرى.

٤- وفى وسط الأزمة زحام من ساسة بغير سياسة، تحركهم أوهام قديمة أو أحلام مستجدة.

٥- وهناك فى خضم هذا الزحام صفوة من الرجال والنساء لا يعرفون كيف يمكن أن يتحركوا فى الأزمة، وكثيرون منهم يتحركون بقوة العاصفة ولكن دون بوصلة!!

٦- لا يوجد من يستطيع بثقة أن يقول إنه يفهم، أو حتى يعرف ما هو المطلوب الآن، فليست هناك جهة أو هيئة سياسية تحظى بقدر من الشرعية أو المرجعية أو المصداقية - وأولها البرلمان المصنوع أخيراً بمجلسيه - بما يساعد هذه الجهة أو الهيئة على الإسهام فى صنع المستقبل.

٧- وهناك عالم مهتم، ومن الصعب رد اهتمامه، لأنه موجود بالواقع وسط الأزمة، وهو يرى جيل الشباب ويستشعر إرادة الشعب، ويرى سلامة الجيش ويلمس مسؤوليته، ويرى - أيضاً - وبجلاء أن هذا النظام لم يعد يقدر على أن يتعامل مع العالم، ولا عاد العالم قادراً على أن يتعامل معه، فضلاً عن ذلك فهناك أمة من المحيط للخليج تتابع ومازالت، وأيديها على قلوبها داعية وراجية.


٨- ومن سوء الحظ أن بعض عناصر هذا النظام تجرب عزل ثورة الشعب عن العالم، بمحاولة إضفاء طابع عليها ينسب ما وقع فى مصر إلى عنصر أو تيار أو جماعة معينة، وذلك خطأ وخطر، لكن بقايا النظام تحاول جاهدة - بمزيج من ضيق الأفق ومخزون الخبث - أن تدفع بهذا الانطباع إلى المواجهة.
كما أن بقايا النظام - بالتوازى مع ذلك - تتصور المراوغة بالحيلة المعروفة فى الإلهاء السياسى، فتقطع بنفسها بعض ذيولها «ثلاثة أو أربعة من الوزراء السابقين، وثلاثة أو أربعة من الأنصار القدامى»، وتلقى بهم على الطريق، لعل مطارديها يتلهون بها، وهذا خطأ فى عالم السياسة والأخلاق، مما قد يجوز فى العالم المظلم للجريمة وعصابات المافيا، لكن عالم السياسة والأخلاق يستدعى العدل قبل أن يفرض العقاب!!

٩- وعنصر الوقت ليس مع أحد، ولكنه ضد الكل، من الأمن والاقتصاد إلى السياسة والقرار، إلى الأمن القومى، إلى ضرورة العودة إلى الأمة والعالم بعد أسبوعين من الفوران حتى درجة الغليان!!

١٠- وعليه فإن أصحاب الحل هذه اللحظة.. شباب وجماهير شعب يعرفون ما لا يريدون، وأوله رحيل رجل واستقامة نظام، لكن هؤلاء الذين يعرفون ما لا يريدون لابد أن تتاح لهم الفرصة، لكى يقرروا ماذا يريدون، وهم يقفون فى ذلك صفاً موازياً وليس معارضاً، لجيش وطنى موجود بقيمته ومسؤوليته، وهو بفكرة الدساتير بأسرها - ومنذ ظهورها وكتابتها - حامى الشرعية الوطنية، وحامى الأمن القومى، ولابد بين الشعب والجيش الآن من لقاء.
ولا يمكن لهذا اللقاء أن يتم إلا بضمانة من الثقة، لابد أن تتوفر، لكى يتنفس الشعب بحرية، ويلتقط أنفاسه بهدوء، ويتكلم بأمان، ويقدر مسار خطاه بوعى واقتدار.
■ ■ ■

وهنا وقبل الوصول إلى الحلول الخمسة، تثور نقطة لابد أن تواجه بأمانة وجد واحترام للنفس وللعصر ولحقائق الأشياء، وهى الكلام عن إجراءات دستورية لترتيب الانتقال.
ذلك أن تطورات أحوال متلاحقة أصبحت تقتضى تحولات سياسية كبرى فى الفكر والفعل، وليس صيغاً وعبارات تتزى برداء القانون، وذلك لأسباب بدهية - بداهة طلوع الشمس وغروبها بينها:

■ أن الدستور المعمول به الآن، والذى جرى ترقيعه عدة مرات ليتسع لكل ما عاشته مصر من تضليل طوال سنوات بالعشرات - لم يعد يصلح قاعدة أو سنداً لأية ترتيبات لبداية جديدة، فلا أحد يستطيع تحويل الخرق البالية إلى ثوب جديد، إلا إذا كنا نريد البحث عن نافذة من سجن يهرب منها المستقبل عبر الأسوار، لأن المستقبل لا يهرب من نافذة سجن، وإنما ينطلق بإزاحة كل الأسوار.

■ أن الشعب وهو مصدر الشرعية قال كلمته، وأظهر إرادته، ووضع الأساس لشرعية جديدة يمكن التعبير عنها بدستور جديد يصدر عن جمعية تأسيسية منتخبة بعد فترة انتقالية، تفتح الباب لعودة السياسة إلى الوطن مرة أخرى، وتسمح لأجيال جديدة من الشباب بأن تشارك فى حوار المستقبل الذى يقيمه ويحصنه الدستور الجديد، ولقد كان الخطأ المتكرر فى تاريخنا باستمرار هو أن مشروعات الدساتير كتبها قانونيون بطلب من سلطة، ثم جرى عرضها على الشعب، وهذا استهتار بالسياق التاريخى فى وضع الدساتير، فالدستور يختلف عن القانون، لأن الدستور عقد وطنى سياسى واجتماعى، يعبر عن مشيئة الأمة، وأما القانون فعملية تنظيم لاحتياجات الشعب وأمنه، وعلاقات الجماعات والأفراد ببعضهم، بما فى ذلك خياراتهم فى مجالات حياتهم المتنوعة، وضمان مستقبلهم المشترك.
■ والقول بتعديل الدستور فى عدة مواد ثار حولها اللغط، والترتيب للمستقبل على أساسها يتطلب مراجعة، لأنه ليس فى مقدور أحد أن يسد ثغرة ما جرى بأى عملية «ترقيع».

- فرئيس الدولة حامى ذلك الدستور انتهى سياسياً وعملياً.
- والدستور نفسه مهلهل.
- والمجلس المكلف بإعادة ترميم بعض مواده المتهالكة - هو نفسه مجلس مزور.
وأن يكون لهذا المجلس الذى يُراد فتح باب الطعون فى صحة عضوية من احتلوه بالتزوير، مسؤولية سد الفراغ وهم لسوء الحظ أغلبية فيه - نوع من التلفيق بعد الترقيع وبعد التزوير، وفى مطلق الأحوال فكيف يمكن أن يؤتمن على الدستور مجلس قام على التزوير؟! - وأقسم أعضاؤه اليمين على باطل؟! - وصفقوا جماعة بخطاب عرش تهاوت قوائمه؟!!

■ وربما يقول قائل - وهو على حق - إن المرحلة الانتقالية نفسها لابد أن تكون لها ضمانات دستورية، وهنا فإنه يمكن للدستور الحالى أن يستمر حتى يحل بدله دستور من إملاء الشعب، ولكن بعد إخلاء ما يكمن فى مواده من أثقال على الحريات العامة، والقيود التى تعوق العمل السياسى، ومطالب التفكير الحر والتعبير النزيه - وبدلاً من «الترقيع» فإنه يمكن بجانب ذلك إعلان مبادئ ركيزتها إعلان حقوق الإنسان المؤكدة للحريات العامة، وفيها حرية التفكير والتعبير والتنظيم والكرامة المكفولة لكل إنسان، وأن يكون ذلك فى وجود «مجلس قانون» مكون من المحكمة الدستورية العليا، والمحكمة الإدارية العليا لمجلس الدولة، وبمشاركة مجلس «أمناء على الوطن» يتم اختيارهم بعيداً عن ذلك التسابق المهين لركوب الموج، وتلك ظاهرة عرفتها وعانت منها كل الثورات فى التاريخ.
أقول بذلك وأنا أعرف وأقدر وأحترم فكرة القانون، وأظنها - وقد قلت ذلك مراراً وتكراراً فى كل الظروف - أفضل ما أنتجه الفكر الإنسانى على طول العصور، فلولا فكرة القانون ما استقر مجتمع، ولا تقدم بشر، ولا تحرك زمان، لكن الدساتير وهى القانون الأعلى فى المجتمعات ليست مسألة صياغة، وإنما هى مسألة إرادة - وليست مسألة نصوص وإنما مسألة قيم، وهنا فإن إرادة الشعب وقيمه هى الأصل، وليست الصياغة والنص.
ولنتذكر أنه بمنطق الصياغة والنص فى الدستور فإن كل الملايين التى خرجت لتسقط شرعية الحكم الشخصى يعتبرون متمردين وعصاة - يصح تأديبهم أكثر مما تصح الاستجابة لطلباتهم.
- النص حق إذا كان تعبيراً عن حقيقة وإرادة خالصة لشعب.
- والنص باطل إذا جاء ليحقق شهوة فى سلطة لا أحد يعرف من أين وإلى أين!!
والنص عاجز إذا كان مجرد كلمات وجمل ومواد يكتبها المبتدئون أو الراسخون فى فن الصياغات.
■ ■ ■
■ أنتقل الآن إلى سبع خطوات إلى المستقبل «وكفانا ما مضى من عذاب الانتظار، وتكاليفه المادية والمعنوية».
١- خروج الرئيس «حسنى مبارك» من رئاسة الدولة، وابتعاده عن الساحة، دون إضاعة فرصة أو مداورة، وتعلل بالفوضى، وذلك حتى يرتفع ثقل وجوده عن المشهد كله، فاستمرار هذا الوجود تعقيد لا مبرر له، وتعطيل لما ينبغى بعده، فالشعب كله حاضر، والكنيسة مضاءة، والمسجد عامر، والشباب هناك، وأكثر من ذلك فإن ذلك الرئيس لم يعد قادراً على مواجهة طرف داخلى أو خارجى، ولا قادراً على أن يقدم أوراق اعتماده لطرف عربى أو دولى يسمع له أو يقبل منه، كما أن القول بالانتظار والصبر لم يبق له مجال يحتمل الاستمرار، ولا داعى لهذا الوقوف، لأن هذا الوضع ستة شهور من القلق والشك والتربص.
٢- إعلان من القوات المسلحة مسؤوليتها والتزامها بحماية الشعب والتعهد بكامل مطالبه.
٣- إعلان قيام مجلس قانون يمسك فى يده بالشرائع والقواعد، ومعه ما يصلح من الدستور القائم، ومعه أيضاً ما هو مقبول ومعمول به فى عالم النور والحضارة.
٤- إعلان قيام مجلس لأمناء الشعب بتمثيل محقق للشباب.
٥- إعلان فترة انتقالية كافية لحوار جاد لا يضغط عليه دستور تهاوت أسسه بتهاوى شرعية من أصدروه.
٦ - تشكيل حكومة قوية تجمع بين الأفضل ممن يمكن الوثوق بهم ممن يعرفون الحقائق، إلى جانب من يمكن الاطمئنان إليهم ممن يحملون نبض الأمل، فلا يمكن لصالح هذا البلد «ولا هو وقع فى كل الثورات من قبل» أن يكون هناك حائط من الفولاذ بين ما كان فى وطن، وما ينبغى أن يكون فيه.
٧- وأضيف هنا أننى أحترم العسكريين الأربعة الذين وضعتهم الأقدار الآن فى موقع القرار: «عمر سليمان» - و«أحمد شفيق» - و«محمد حسين طنطاوى» - و«سامى عنان».
أحترمهم باعتبارهم من رجال هذا الجيش الذى لم يعد هناك الآن - بجانب أجيال الشباب وقوى الشعب العارف والواثق بنفسه - قوة مؤثرة وفاعلة فى المستقبل غيره.
وأحترمهم وأنا أعرف أن مسيرة التاريخ المصرى والمستقبل هذه الساعة فى أيديهم، وفيها حياة الشعب ودمه، وفيها الوطن ومستقبله.
أقول ذلك وأنا رجل يدرك المحاذير، ويقدر المسؤوليات، ويتفهم - بقدر ما هو إنسانى - مشاق الاختيار ومزالقه فى هذا الظرف من الزمان!!
وتحت درع القوات المسلحة تستطيع جموع هذا الوطن أن تهدأ، ويستطيع العقل أن يؤدى دوره، ويستطيع الأمل أن يجد أفقه بعيداً عن ضياع الساسة وتخبطهم، وصخب الإعلام وألوانه وأضوائه.
فلابد أن تتاح للشعب فرصة أن يتكلم ويُسمع ويطاع ولابد أن ينفتح الطريق للتاريخ.
■ ■ ■
■ أقول ذلك كرجل لا يملك غير فكره.. ولا يطلب دوراً من أى نوع ودرجة، فهو بالطبيعة قرب الغروب وعلى حافته.. ولا يطلب أكثر من أن يطمئن على وطنه ويستريح - قبل أن يغمض عينيه وينام.
جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger