السبت، 30 أغسطس 2008

يوميات فينيسيا 4


أخيرا اعترف المسؤولون عن البينالي وعن مهرجان فينيسيا السينمائي بأن المنشآت الحالية التي يقام عليها المهرجان غير كافية وهي "صالة جراندا" أو القاعة الكبرى التي أقيمت منذ أكثر نحو 70 عاما، وقاعة بيرلا داخل الكازينو الذي كان مكانا لألعاب القمار وضمه المهرجان إلى ممتلكاته ليصبح المقر الصحفي ومقر المؤتمرات الصحفية وقاعة العروض الصحفية بيرلا. وهناك ايضا قاعة قصر الليدو التي تستوعب 1200 مقعد وأقيمت أصلا منذ حوالي 14 سنة بشكل مؤقت وتحسنت حالتها بعد ذلك وإن ظل سقفها وتجهيزاتها تشبه خيمة السيرك الكبيرة. وهناك قاعة قصر البينالي وهي أيضا مجهزة بشكل مؤقت من خيام كبيرة وتتسع لنحو 1600مقعد وهي مخصصة للعروض الجماهيرية. وليس هناك بعد ذلك سوى قاعات صغيرة جدا مثل قاعة بيزانتي وقاعة فولبي (30 و40 مقعدا لعروض الفيديو وما شابه.
والخلاصة أن معظم المنشآت القائمة إما أقيمت بشكل مؤقت مع توسع المهرجان، أو أنها قديمة لم تعد تصلح في العصر الحديث وخصوصا لمهرجان يعتبر نفسه الثاني في الأهمية بعد مهرجان كان.
المجمع الجديد للمهرجان سيكتمل بناؤه عام 2011 مع الدورة الثامنة والستين من المهرجان ومع نهاية الفترة الثاية لادارة ماركو موللر الذي أكمل 4 سنوات العام الماضي وبدأ 4 سنوات أخرى تنتهي مع افتتاح المنشآت الجديدة التي تصادف أيضا الاحتفالات بمرور 150 سنة على الوحدة الايطالية.
وتشمل القاعات الثلاث الجديدة للمجمع 2700 مقعد، وتغطي القاعات وغيرها من المنشآت 3600 متر مربع من الأرض أي بحجم الكوليزيوم الشهير في روما، أو أشهر الآثار الرومانية الباقية.
والمثير أن المهندس الذي تولى تصميم المبنى الجديد لقصر المهرجان هو المهندس رودي ريشيوتي وهو فرنسي من أصل جزائري.
وسيقام القصر الجديد أو المجمع الذي يضم منشآت المهرجان في نفس البقعة التي يوجد فيها حاليا مبنى الكازينو وقاعة صالة جراندا حسب ما أعلن ماركو موللر. وستتكلف أعمال الانشاءات 70 مليون يورو. ويأمل المسؤولون أن يحول القصر الجديد بقاعاته وامكانياته الحديثة جزيرة الليدو إلى ملتقى للمؤتمرات على مدار العام.
المبنى القديم للقاعة الكبرى التي أقيمت عام 1938 سيظل قائما، فلا غنى عنه بعد كل تاريخه الحافل ومكانه في ذاكرة عشرات الآلاف من عشاق السينما الذين يرتادون مهرجان فينيسيا السينمائي منذ سنوات وسنوات.
* أيضا المخرج المتجدد الشباب مانويل دي أوليفييرا (100 سنة) موجود في فينيسيا، يتمتع بصحة جيدة ويدلي بالمقابلات، ويعرض له 3 أفلام قصيرة منها
الفيلم الذي عرض في الافتتاح.

الجمعة، 29 أغسطس 2008

يوميات فينيسيا 3

في فينيسيا لا أثر حتى الآن للنقاد والصحفيين العرب باستثناء عرفان رشيد مراسل "الحياة" الذي يحضر سنويا بحكم اقامته في إيطاليا قريبا من المهرجان.
تردد الكثير من الأقاويل حول هروب أعداد كبيرة من النقاد، الأوروبيين اساسا، إلى مهرجانات أخرى، بسبب الغلاء الفاحش في الليدو خلال فترة المهرجان، فهناك مبالغة شديدة في أسعار الفنادق والمطاعم وكل شئ، بل إن العثور على غرفة في فندق أصبح أمرا أقرب إلى المعجزة. ولا توجد في الليدو مساكن خاصة للاستئجار على نحو ما هو متوفر في "كان" مثلا.
وقد قابلت كثيرا من المشاركين هنا من الذين يقيمون في جزر أخرى مثل جزيرة الميستير، وينتقلون باستخدام القوارب وهو عبء آخر لا أستطيع شخصيا تحمله بحكم اضطراري للعودة إلى الفندق مرتين أو ثلاث مرات خلال النهار بسبب اضطراري لاستقبال المكالمات الهاتفية من الإذاعة (اليوم فقط تحدثت 3 مرات في بي بي سي إكسترا، وعالم الظهيرة، وبرنامج بالانجليزية في قسم غرب أفريقيا).
في الثمانينيات والتسعينيات كان المهرجان يعج بالصحفيين العرب الذين من الواضح أن انهيار في العملات المحلية في بلادهم بسبب الفساد والتسلط الذي لا يريد أن يرحل عن كاهل العباد) أصبح يحول بينهم وبين الذهاب إلى فينيسيا، وتفضيلهم الادخار لكان حين السوق السينمائي التجاري الأوسع الذي بات يستوعب بعض المنتجين من مصر مثل عماد الدين أديب.
كان يأتي إلى هنا قصي درويش وغسان عبد الخالق وسمير فريد وعبد الستار ناجي ومحمد رضا وحسن شاه وعبد النور خليل وعرفان رشيد بالطبع، بل وجاء ذات مرة المذيع في التليفزيون المصري المرحوم عب الرحمن علي. وحتى قبل عامين كان يأتي عز الدين مبروطي الناقد الجزائري، والمخرج الجزائري سعيد ولد خليفة، لكني لم ارهما بعد هذا العام.
لا أعرف طبعا ماذا حدث لهؤلاء الآن. لا أظن أن العملة هي السبب الأساسي لتراجع معظمهم، بل ربما أيضا لأن المهرجان كان يستضيف الجميع ولو لمدة أسبوع واحد على الأقل وأصبح الآن لا يستضيف النقاد فقط بل ويطلب من كل منهم دفع 75 يورو مقابل الحصول على البطاقة الصحفية وكتالوج المهرجان الذي كان يوزع بالمجان!
كان الحضور الصحفي العربي مرتبطا أيضا في الماضي بالاهتمام الأكبر بالسينما العربية الذي انحسر وأصبح يتركز في فيلم واحد (عادة من المغرب العربي ومن التمويل الفرنسي تحديدا).
ليالي فينيسيا مستمرة، وقد شاهدنا أمس الفيلم الإيراني "شيرين" للمخرج الشهير الذي يهيم بعض نقادنا به وهو عباس كياروستامي. اليوم في موقع بي بي سي مقالي عنه متصل بهذه الصفحة. وحاولت فيه أن اعطيه حقه بموضوعية شديدة.. لا أعرف ما اذا كنت قد وفقت.

الخميس، 28 أغسطس 2008

يوميات مهرجان فينيسيا 2


تكريم أولمي والسينما على طريقة منتخبات كرة القدم



هذه الدورة من المهرجان مهداة إلى الراحل الكبير يوسف شاهين. حفل الافتتاح تميز بالبساطة والبعد عن الشكليات.. الرقص والاستعرض السخيف على المسرح على نحو ما تفعل بعض المهرجانات السينمائية الفولكولورية العربية لاخفاء ضعفها في السينما.
قبل فترة قصيرة سألني صديق عزيز عن فيلم شاعري يفيض بالمشاعر من تلك الأفلام التي أطلق عليها أفلاما سماوية أرشحه له لكي يشاهده.
فكرت قليلا ثم سألته: هل شاهدة فيلم "اسطورة السكير المقدس" The Legend of the Holly Drinker لإيرمانو أولمي؟ قال إنه لم يسمع عنه أصلا.
هذا الفيلم العظيم يعود إلى عام 1993. وقد أخرجه المخرج الايطالي "الكبير" – وأنا في الحقيقة لا أستطيع أن أكتفي بوصفه كمخرج سينمائي وإلا لأصبحنا نقول مثلا المخرج صلاح أبو سيف، والمخرج برتولوتشي، والمخرج أحمد رشوان باعتباره انتهى أخيرا من إخراج فيلمه الروائي الأول، وبالتالي لأصبح كلهم مخرجين دون أي تفرقة أو تمييز، علما بأن وصف الكبير، والمعلم، والعظيم موجود في اللغة الانجليزية التي لا يعترف البعض إلا بما يكتب في مطبوعاتها وخصوصا مجلة "فاريتي" التي يعتبرها هذا البعض المرجع الرئيسي لهم. فهذه المجلات تستخدم أوصافا من نوع the great و the legendary و the master في مجال وصفهم لكيروساوا وبيرجمان وجودار وكوبريك مثلا.
أعود إلى الكبير أولمي لأقول إنه كان دائما مخرجا كاثوليكا ممسكا بالمبادئ الدينية دون أن يعني هذا في أي شكل من الأشكال، أنه مخرج تقليدي أو متزمت أو رجعي أو حتى محافظ.. بل هو مخرج مجدد منذ ظهوره.
وقد كان من دواعي سروري الشخصي أن أكتشف أن مهرجان فينيسيا هذا العام كرم هذا السينمائي الايطالي الفذ بأن منحه جائزة الأسد الذهبي عن مجمل انجازه السينمائي.
وقد عرض المهرجان فيلم "أسطورة السكير المقدس" تحية إلى هذا السينمائي العظيم.
وليت صيقي كان معي لمشاهدته لأنه لم يجده على اسطوانات دي في دي فلايزال الفيلم غير متوفر في بريطانيا عن طريق هذه الوسيلة.
طبعا أولمي هو الشخصية الوحيدة المكرمة هنا. وكان من الممكن أن تكون الشخصية السينمائية التي تحظى بالتكريم شخصية غير ايطالية.
لكن المهم انهم هنا لا يلجأون إلى التكريم بالجملة على شاكلة مهرجاناتنا التي أصبحت تكرم حتى ممثلي الدرجة الثانية والثالثة، بدعوى أنهم قدموا الكثير للسينما عبر سنوات عمل طويلة.
وأنا شخصيا لا أجد أن تقديم الكثير من الأفلام التافهة أمرا يستحق التكريم، وإلا لكنا نحتفي بالتفاهة. ولكن قد يسأل سائل عن حق: ولكن أليست التفاهة هي الشعار السائد في حياتنا الآن؟
فالذين يتكلمون عن السينما في محطات التليفزيون المحلية والأرضية والفضائية يغلب عليهم طابع "الأمية" الثقافية. لقد درسوا في جامعات لم تعد تعلم شيئا، وتدربوا على "الكلام" في السينما على طريقة الكلام في كرة القدم. فأنت مثلا مطلوب منك كناقد ليس الاحتفاء بالفيلم الجيد، بل بالفيلم الذي يخرج من بلدك إلى أي مهرجان دولي، كقضية مقدسة، كما لو كان الفيلم المصري يمثل مصر ولا يمثل صاحبه الذي صنعه مثلا!
وطبقا لهذا المنطق أصبح مطلوبا "تشجيع" حتى الأفلام الرديئة كما لوكنا نشجع "المنتخب"!
والموضوع له شجون وإلى اللقاء غدا!

يوميات فينيسيا 1


كم تختلف جزيرة الليدو عما كانت عليه في الشتاء. قمت بزيارة فينيسيا مع أسرتي الصغيرة في فبراير الماضي واصطحبتهم إلى الليدو للوقوف على ما تبدو عليه الجزيرة بعيدا عن أجواء الصخب خلال المهرجان. ولم أكن قد شاهدتها قط في الشتاء. وفوجئت بأنني في جزيرة أشباح.. المطاعم مغلقة، والفنادق معطلة، والمواصلات شحيحة على أرضها، وأبخرة الضباب الكثيف تكاد تحجب الرؤية. طعم الشتاء يسري في كل شئ.
أمس وصلت قادما من لندن، ثم قطعت الطريق من المطار إلى الليدو بالقارب واستغرقت تلك الرحلة 50 دقيقة. درجة الحرارة 29 مئوية مرشحة للارتفاع. وعند وصولي فوجئت بالازدحام الشديد، الذي يجعلك لا تستطيع أن تشق طريقك بسهولة. فهذا زمن المهرجان وزمن المصيف الذي يزدحم بالمصيفين من الايطاليين. شئ شديد الاختلاف.. كل شئ يعمل على مدار الساعة بل إن كثيرا من المحلات والمطاعم أصبح يعمل بدون توقف وليس كما كان الحال في الماضي.
المهرجان نفسه أصبح لحسن الحظ أكثر استرخاء عما كان خلال السنوات الماضي. التفتيش الاليكتروني واليدوي على بوابات الدخول إلى منطقة المهرجان اختفى لحسن الحظ. هناك قاعة كاملة مجددة هي قاعة "بيرلا" مخصصة للصحفيين العاملين في الصحافة اليومية، وهو ما يخفف كثيرا من الزحام على أبواب القاعة التي توفر المشاهدة لكل الصحفيين والضيوف من السينمائيين ومديري المهرجانات.
شاهدت صباح اليوم في عرض الصحافة اليومية فيلم الافتتاح الذي سيعرض مساء اليوم وهو الفيلم الامريكي "إحرق بعد القراءة" للأخوين كوين. سينشر مقالي غدا في موقع بي بي سي المرتبط بهذه الصفحة على اليمين. المقال الأول عن المهرجان بشكل عام منشور في أعلى العمود الأيمن.
يكفي أن أقول إن عشاق الممثل النجم الشهير جورج كلوني سيجدونه بصورة مختلفة كليا عما ألفوه من قبل في هذا الفيلم الذي يضم إلى جانب كلوني كلا من جون مالكوفيتش والممثلة الانجليزية تيلدا سوينتون (التي أجدها ثقيلة الظل جدا وجامدة ولكنها محظوظة) والممثلة المفضلة لدى الأخوين كوين فرانسيس ماكدورماند.
لا حديث عن الفيلم الآن.. سننتظر إلى أن يعرض رسميا في الافتتاح مساء اليوم، لكي ننشر غدا كما أشرت في المربع الأيمن في أعلى العمود الأيمن المرتبط بموقع بي بي سي.
إلى اللقاء.
جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger