الجمعة، 5 ديسمبر 2014

صوتك أيها الممثل!





أمير العمري





يعتقد كثيرون، ومنهم بعض النقاد والمتخصصين في الشأن السينمائي، أن الممثل السينمائي لا يشترط بالضرورة أن يكون لديه صوت مميز. والاعتقاد السائد أن الممثل السينمائي أداة ثانوية يستخدمها المخرج بواسطة الكاميرا ويوظفها في الفيلم مركزا بشكل أساسي على حركات جسده وعلاقة حركته أمام الكاميرا بباقي الممثلين في المشهد. ويعتقد الكثيرون أيضا أن الإضاءة يمكن أن تعلب دورا كبيرا في إبراز ملامح الشخصية التي يؤديها الممثل.

ولاشك أن بعض هذه الأقوال صحيح جزئيا، خصوصا بعد أن انتشرت في الماضي، فكرة أن الفيلم الحداثي الذي يقوم على تداعي الصور وتداخل الأزمنة، لا يعتمد بالضرورة على الممثل، بل على رؤية المخرج، خصوصا وأن مخرجا كبيرا مثل فيلليني كان يستخدم الكثير من الأشخاص العاديين في أدوار صغيرة، طبقا لأشكالهم التي تتناسب مع الأجواء الغريبة التي يريد التعبيرعنها في أفلامه الشهيرة مثل "ساتيريكون" و"روما فيلليني" و"أماركورد" وغيرها. ومعروف أن المخرجين الإيطاليين بشكل عام، كانوا- ومازالوا- يستخدمون طريقة "الدوبلاج" الصوتي أي الاستفادة من أشكال الممثلين ثم يقومونبتركيب أصوات ممثلين آخرين عليها، بحيث تعطي التأثير المطلوب.

لكن هذه الطريقة الايطالية تختلف تماما عما هو سائد في السينما الأمريكية والبريطانية وغيرهما حيث يجب أن يتمتع الممثل بالقدرة على الأداء الصوتي القوي، وقد أصبح لكل الممثلين العظام بصمة صوتية خاصة تميزهم عن غيرهم. وسنرى في هذا المجال أن الممثلين البريطانيين الذين حققوا شهرة كبيرة في السينما، جاءوا أصلا من المسرح وبعد أن تلقوا تدريبات صوتية جعلت لهم مثل أداء صوتيا لا ينسى. لدينا على سبيل المثال السير أليك جينيس، ومن ينسى أداءه الصوتي المميز الخلاب في دور الأمير فيصل في فيلم "لورانس العرب"، أو بيتر أوتول وأداؤه في الفيلم نفسه في دور لورانس. ومن الذي يمكنه أن يغفل التأثير الخاص لصوت مارلون براندو وطريقته الخاصة في التعبير في فيلم "الأب الروحي"، وهناك كذلك فانيسيا ريدجريف وأنطوني هوبكنز وآل باتشينو واليزابيث تايلور وغيرها. وفي السينما المصرية هناك محمود المليجي (مازال الجمهور يتذكر مونولوجه الطويل المعبر في فيلم الأرض) وزكي رستم  وأمينة رزق ونجيب الريحاني وعبد الله غيث (وكلهم من ممثلي المسرح أصلا).

ليس صحيحا أن صوت الممثل لا يهم، وأن المسرح غيرالسينما، وأن من الواقعية أن يمضغ الممثل الكلمات في فمه بحيث لا نفهم شيئا مما يقوله، فالفيلم- أي فيلم- يخلق واقعه السينمائي الخاص، الذي يختلف بالقطع عن الواقع الفعلي. وإذا أراد الممثل أن يكون مؤثرا  فيجب أن يتمتع بقدرة خاصة على نطق عبارات الحوار بطريقة مؤثرة.

اما واقعية الفيلم فموضوع آخر يستحق مقالا منفصلا.


جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger