الثلاثاء، 23 يوليو 2013

كلام بسيط




بقلم: علاء عبد الهادي

أرفض هذه الوزارة بالطريقة التي جاءت بها, وأرفض الإعلان الدستوري, وأرفض وزير الثقافة والفلول العائدين!

من يتأمل الموقف بعد المد الثاني للثورة, يجد نفسه في الحقيقة في السياق نفسه لعهد مبارك, وآليات حكمه, وكوارث نظامه,
فنظامه بالمعنى العلمي للنظام -بنيةً وكوادر- لم يزل قائما, ما تغير هو وجه النظام أما النظام نفسه فلم يتغير حتى الآن, فمن المسئول عن رجوع فلول نظام ثقافي ثار عليه الشعب.. نظام يمثل البنية العميقة لمؤسسات فاسدة إداريا, هي نتاج ثلاثة عقود من التخريب بإعادة تدوير الفشل التاريخي عبر وزراء تم اختبارهم من قبل وأثبتوا عجزهم عن تقديم الممارسة, والرؤية في آن؟ من يخبرنا عن عدد الوزراء الذين تم اختبارهم من قبل وأثبتوا فشلهم في وزارات سابقة, ثم رجعوا إلى هذه الوزارة من جديد؟

لن تستطيع مؤسسات خربة وفاسدة أن تخدم أهدافا جديدة,
لأنها كانت من تسببت في هذا الخراب الثقافي الذي نعيشه الآن, وكانت من أسباب وجوده! لأن هذه المؤسسات بأجهزتها الإدارية القائمة لم تخلق لتحقيق أهداف ثورية أصلاً! بل خلقت لحماية نظام فاسد واستيعاب معارضيه.

في العقدين الأخيرين, عرف المثقفون جيدا تجار الثقافة,
وكانوا شهودا على كل العصافير التي لوثتها الحظائر. ممن تربحوا ماديا ومعنويا من تجارة المؤتمرات, والكتب, ومن عقود الإنشاءات الثقافية ومبانيها, كما عرف المثقفون أيضا أصحاب الحرائق, وقتلة المسرحيين, وأصحاب السرقات, والسلوكات المشينة, ومن تاجروا في الآثار, والمخطوطات, واللوحات, واتفقوا مع شركات أجنبية لسرقة مقنعة لتراثنا من الوثائق والخطوطات. كما عرفوا مقاولي الجوائز العربية, ومن حازوا الجوائز المشبوهة للقذافي وغيره, ومن لعبوا بقضايا مصيرية كقضية التطبيع طمعا في مناصب زائلة. والعديد ممن استفادوا على مدى عقدين من وجودهم في عباءة النظام السابق, ممن باعوا مصر من أجل حكومات فاسدة, فرطت في مقدرات الوطن والمواطن, وحجبت عن أجيال كاملة حقها في التعبير وفي إدارة شئونها ومقدراتها..

يرجع صابر عرب وزيرا في حكومة أغلبها فلول,
من ذوي الخبرة في الفساد, والاستسلام للأمر الواقع, حكومة لا تعرف الكثير عن الشأن الثقافي, ولا تهتم به أصلا. ربما كانت واحدة من الشروط التي يجب أن تحظى بها أخي الكريم لو كُلّفْتَ بوزارة –ولذلك استثناءات بالطبع- أن تكون أولا من فلول نظام سابق, وأن تكون ثانيا من ذوي الخبرات السيئة, التي لا تخلو من شبهات, وأن لا تكون -ثالثا- لك علاقة بالوظيفة التي تشغلها!

وزير الثقافة الحالي لا يعرف المثقفين, ولم يعرفه المثقفون إلا وزيرا عبر ثلاث حكومات فاشلة الأداء والرؤية, أنا لا أتكلم عن أفراد, ولن أخوض كذلك في ملابسات أخذه لجائزة الدولة التقديرية التي لا يستحقها, وكيف تحقق له ذلك, وهي سياقات مشينة ومعروفة للجميع, وزير الثقافة أتي ومعاونوه من أروقة نظام مبارك الفاسد,
ولا نتوقع لوزارة الثقافة وغيرها من الوزارات التي لم تمسها يد التطهير الإداري إلا الفشل السريع؛

من أجل هذا أرى وزير الثقافة -الجوكر- الذي هبط علينا للمرة الثالثة
من أسوأ وزراء الثقافة الذين مروا علينا أداء ورؤية, ويكفي نظرة سريعة إلى معاونيه بدءا من أمين المجلس الأعلى العائد إلى وظيفته, إلى بقية الموظفين العائدين من فلول نظام سابق إلى وزارته, كي تتبين لنا الطريقة العشوائية في إدارة الشأن الثقافي في بلادنا,

فمتى يحين الوقت الذي تستمع فيه ثقافة القوة إلى قوة الثقافة
التي يمثلها المثقفون؟ ومنهم مثقفون كبار ارتضوا الاعتزال كيلا يشاركوا في نشاطات وزارة, معدومة الفائدة. لا شعار لها سوى شعار "مهرجان لكل مواطن", وكأنه السبيل الوحيد للتنوير!
فليفرح المثقفون بالمهرجانات القادمة, وليحرقوا البخور للوزير الجديد/ القديم, وليعاني المواطن وطأة الكارثة!



جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger