السبت، 7 سبتمبر 2013

مطاردة الساحرات على أشدها والفاشية الوطنية تكشر عن أنيابها!


الفاشية ستمتد لتشمل الجميع




أصيب المجتمع المصري بوباء خطير ينتشر حاليا بسرعة خارقة. نعم كان الإسلامويون خطيرون على مصر، سواء كانوا من جماعة الإخوان المسلمين أو من الجماعات الأخرى التي تدور في فلك تلك الجماعة التي فرختها وأنجبت سلالالتها.
ومهما تنوعت الأسماء والمسميات، من الجماعة الاسلامية، إلى جماعة نصرة الاسلام، إلى تنظيم الجهاد الإسلامي، إلى الجهادية السلفية أو السلفية الجهادية، فلا فرق بين كل تلك الفرق، فكلها خرجت من معطف جماعة الاخوان المسلمين التي كانت أول من كتب ونظر ومارس وتطلع بشتى الطرق، إلى تحقيق فكرة إخضاع السياسة للدين، وهي فكرة تصنع بالضرورة فاشية دينية تحتكر الحقيقة وتزعم أنها تنطق باسم الله (عز وجل)، وبالتالي فهي لا تعرف الخطأ أبدا، فالمنتمين إليها هم (جماعة المسلمين) وغيرهم من الكافرين أو أنصاف المسلمين أو الذين في حاجة إلى اعادة تربية وتهذيب وأسلمة!
كانت الفاشية الدينية اختيارا مصريا شعبيا أيضا، وقفنا ضده لسنوات طويلة من خلال عشرات بل ومئات المقالات والتعليقات التي نشرناها هنا وهناك، سواء عبر هذه المدونة او مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر وغيرهما) أو المقالات التي كنا ننشرها في صحف مثل البديل والوطن وغيرهما. وذلك في وقت كان فرقة كبيرة من المثقفين المصريين يدافعون عن (حق الجماعة) في الوجود سياسيا، بل وحقها في أن تأخذ فرصة لممارسة الحكم، بل وقد خرست كل الأقلام والألسنة عندما أقر المجلس العسكري في عهد المشير محمد طنطاوي، قيام أحزاب سياسية على أساس ديني في مصر للمرة الأولى في التاريخ، وهو القرار الذي أدى إلى كل ما حدث من كوارث وما يحدث حتى الآن!
وقد قلت ف يمقال بالبديل بالحرف الواحد إن مهمة المثقف الثوري حاليا هي النضال على جبهتين في وقت واحد: ضد نظام مبارك، وضد الاخوان المسلمين. وكان هذا في وقت جبن فيه معظم من يسمون أنفسهم بالمثقفين وهم مجموعات شبه ريفية شبه أمية لا تعرف من اللغات الأجنبية سوى كلمتي (سانك يو) ولا تفهم ما يجري من حولها في العالم، وتميل الى المهادنة على طريقة الفلاح الذي يصبر على البلاوي الى أن يحصل بالدهاء على بعض من حقه من السلطة. ولكن المثقف ليس كالفلاح فالفلاح ينتج ويعمل ويدخل في صراع يومي مع التربة، في حين أن المثقف يكتفي بالجلوس أمام التليفزيون أو الادلاء بالأحاديث لقنواته التافهة التي ثبنت أخيرا أنها تعمل بالريموت كونترول من "الأجهزة" إياها! 
كنا ننقد وننتقد بشدة، اختلاط الفكر الديني الفاشي بالسياسة بل وسيطرة الاخوان على السلطة سواء بالتهديد أو بالرشاوى أو بالانتخاب الحقيقي طواعية من جانب جمهور عامي أغلبه من ضعيفي الثقافة بل والتعليم وغالبيته من الأميين بالمعنى الحرفي للكلمة.
كانت وسائل الاعلام المصرية وخاصة قنوات التليفزيون الخاصة المسماة بالمستقلة، وعلى رأسها قناة دريم من خلال برنامجها الحواري الأكثر شهرة (العاشرة مساء) لا تخلو حلقة من حلقاتها من ضيف أو أكثر من قيادات الجماعات الفاشية الدينية بدعوى التعددية والديمقراطية بل وأحيانا استضافة أكثر العناصر الاجرامية المتطرفة، وقد احتفلت تلك القنوات، بالمدعو عبود الزمر فور خروجه من السجن بأمر من محمد طنطاوي شخصيا (قبل وصول الحاج مرسي العياط للسلطة) واستقبلته استقبال الفاتحين المنتصرين وهو المعروف بدوره في تنظيم الجهاد وفي مؤامرة اغتيال الرئيس السادات.
نقول نعم كنا ننتقد بشدة الاخوان والفكر السياسي الذي يخلط الدين بالسياسة عموما ونطالب ومازلنا- بأتاتورك مصري يجتث تلك الشجرة أو الفكرة الشيطانية من جذورها بالعنف، لكي يقيم المجتمع الديمقراطي فيما بعد. لا بأس من أن يظهر أتاتورك مصري مصحوب بمجموعة علمانية مستنيرة شجاعة تعلن أن هدفها هو تمهيد التربة لاقامة الدولة الحديثة الديمقراطية ولو بالقوة إذا لزم الأمر.
لكن هل ما حدث الآن في مصر يدخل بأي شكل من الأشكال، ضمن هذا المشروع الحضاري المتكامل، أم أنها لوثة الفكر الوطني المتطرف التي تعادل بالضبط تلك اللوثة السياسية الدينية أي لوثة الفكر الديني المتطرف التي ابتليت بها مصر منذ أكثر من ثلاثين عاما الى حين الاطاحة بحكم الاخوان (للأسف الشديد لأسباب تعتبر في معظمها اقتصادية وسياسية وليست فكرية بأي حال، فالفكر المتخلف لايزال موجودا دفينا بقوة في مشاعر الملايين سواء من الصفوة الحاكمة أو من العامة)!
إن ما يحدث الآن هو ما يمكن أن نطلق عليه "مطاردة ساحرات" بكل ما يعنىه هذا التعبير الذي ظهر في أوروبا في العصور الوسطى إبان محاكم التفتيش، من معنى.. إنها حملات تطهير لأفراد نيتمون الى العسكر الىخر في الصراه الضاري الجاري الآن على السلطة في مصر، لكنه ليس تقويما للفكر نفسه من خلال اعادة النظر في كل برامج التعليم والاعلام وثقافة المجتمع عموما.
إن القائمين على الحكم، أي قيادات الجيش، قرروا استعادة السلطة بشكل ما، اعتمادا على بعض من يرتدون ثيابا مدنية، بعد ان كانت تلك القيادات قد ارتضت لحين، باقتسام السلطة مع تيار الاسلام السياسي. وبعد أن فشل الأخير في السيطرة على حركة الشارع بحماقاته، قررت القيادات العسكرية الاستناد الى الغضب الشعبي العارم والاطاحة بحكم الاخوان.
وبالتالي فقد ارتفعت رايات وشعارات الفاشية الوطنية باسم الدفاع عن الوطن، وظهر من يشبه جنرالا معينا بعبد الناصر الجديد، ومن يطالبه بتولي رئاسة الدولة، ووأصبح هناك ملايين ممن يعتبرون كل من يختلف في الرأي مع السلطة، خائنا وعميلا ومأجورا وجبانا واخوانيا أو من الخلايا التي كانت نائمة وذلك في أفضل الأحوال، أما في أسواها فقد أصبح الآخر المختلف: من "الارهابيين" الذين يستحقون القتل الفوري في ميدان عام دون أي محاكمة.. ووجدنا هناك من يطالب بذلك علانية على شاشات التليفزيون!


ان تحريك عشرات القضايا بمجرد إشارة من إصبع الحاكم واتباعه الحاليين، أصبح كفيلا بالقبض على العشرات والمئات بل والآلاف ووضعهم في المعتقلات. وأصبح النائب العام يصدر يوميا أوامر الضبط والاحضار لكل من يعتقد اأه من الاتجاه (الآخر) أو من مناصريه أو ببساطة شديدة، كل من لا يؤيد السلطة الحالية في اجراءاتها وقراراتها وما تقوم به من أعمال عنيفة أو يتحفظ على بعض هذه القرارات، الأمر الذي يهدد باتساع تلك الموجة من التصفيات التي تقوم على الاشتباه والتلفيق أكثر مما تنبني على حقائق موثقة دامغة، ومن الممكن لذلك أن تنتهي إلى الأبد، دولة القانون أو شبه القانون في مصر، وتتحول مصر الى دولة فاشية وطنية تحت شعار مواجهة الارهاب.
ويكفي أن نقول يم إنه لم يتجرأ صحفي واحد في مصر كلها على المطالبة بمحاكمة وزير الداخلية أو استقالته على الأقل، بسبب مصرع 38 شخصا من المصريين (أيا كان انتماؤهم السياسي) خنقا بالغاز في عربة الترحيلات أمام سجن أبو زعبل في جريمة من أش=بشع جرائم العصر وهي جريمة مدانة مهما كانت الأسباب، فمن يقتل معتقلا (من الاخوان بهذا الشكل الوحشي يمكنه أن يقتل أي معارض لأي سلطة مستقبلا دون أن يعترض أحد) فهل ستكون هذه مصر الديمقراطية الحديثة؟ هل من السار أن نرى هذا الوضع الذي يستخدم فيه قانون الطواريء لاعتقال كل من لا ترضى عنه السلطة وتلفيق قضية له (أين كانت تلك القضايا كلها من قبل وتلك البلاغات ولماذا لم يتقدم أحد بها!!). بل أصبحت الشجاعة والتقاضي تحدث بأثر رجعي!
من الواضح أن ما يحدث الآن من حملات هي حملات موجهة من قبل السلطة لتشويه كل الشرفاء الذين يختلفون مع السلطة وعلى رأسهم محمد البرادعي، وهو أمر لا يبشر بأي مستقبل قريب لهذا البلد الذي تراجعت سمعته على مستوى العالم بينما يسكر الكثير من أبنائه نشوة بفكرة استعادة الروح الوطنية مقابل الفاشية الدينية التي ذهبت!
الحقيقة أن الفاشية الوطنية أي احتكار الحديث باسم الوطن من جانب فئة ما أيا كان حجمها الآن (أصبح هناك حاليا من يهددون على شاشات التليفزيون كل من يختلف معهم في الرأي، بالضرب بالأحذية بل وبالقتل دون أن يحرك ذلك ساكنا من الجهات القضائية!!).. ما هو سوى الوجه الآخر للفاشية الدينية. فالاثنتان تكفريتان.. الأولى تكفر كل من يختلف معها بشأن قضية الوطن، والثانية تكفر كل من يختلف معها في قضية ادخال الدين في السياسة.
لقد عشنا حتى رأينا من يقول على شاشة التليفزيون (وهو من يقال له مفكر كبير!) إن قضية الوطن لا تحتمل أي خلاف في الرأي.. أي أن رأي سيادته فقط هو الصحيح فيما يتعلق بمستقبل الوطن!
إننا نعيش في فترة من أحلك فترات التاريخ المصري الحديث، ليس بسبب ما يمارسه الاخوان وأتباعهم من أعمال عنف فقط، فهذه يمكن القضاء عليها أمنيا في زمن وجيز، بل بسبب شيوع هذا الفكر الخطير وانتشاره بشدة داخل البيوت حتى أصبح أفضل ما عندنا من مفكرين وكتاب، مشكوك في ولائهم الوطني، عملاء، خونة، معادين للشعب، يتسمون بالجبن.. وانظروا ما قاله بعض من يعتبرونهم من المثقفين والسياسيين (الوطنيين جدا) ضد الدكتور البرادعي وما وجهوه له من اتهامات لمجرد أن الرجل رفض الاستمرار في السلطة في هذا الوقت رغم عدم موافقته على اجراء من اجراءاتها. فهل كان الأفضل أن يخون الرجل مبادئه وما يؤمن به ارضاء لنزعة شرب الدماء التي اجتاحت ما يسمى بالنخبة المثقفة.
وما رأي هذه النخبة ياترى في عودة ظهور كل رجال عصر مبارك واعادة تأهيلهم واستيلائهم على المنابر كلها، هل قامت ثورة الشعب لأجل أن يعاد انتاج نظام مبارك تحت دعوى أنهم (أفضل من الاخوان) وهل أصبحت المفاضلة الآن بين الاخوان، أو القبول بعودة نظام مبارك؟!
شخصيا أتبرأ من تلك النخبة وأعلن هنا في هذا المنبر المحدود الذي أملك التعبير بحرية فيه، أنني لم أعد أنتمي لهؤلاء المثقفين، ولا اريد أن أكون جزءا من هذا الخراب الفكري والثقافي، واعتبر نفسي خارجه تماما وأتبرأ مما يحدث الآن في مصر، ولا يشرفني أن انحاز ضد الحقيقة انصياعا للولاء الأيدويولوجي. فهؤلاء المنتمين لتلك النخبة الفاشلة العاجزة العقيمة التافهة التي كانت دائما في خدمة السلطة (مشكلتها مع الإخوان ليس أنهم فاشيون بل لأنهم لم يعترفوا بهم لأنهم يعرفون وساخاتهم وعوراتهم)، هؤلاء يرفعون شعار: إن فاسدا ينتمي إلينا خير من شريف مستقل من خارج شلتنا. ولذلك كان صمت تلك الشرذمة المنحطة من المثقفاتية أمام عودة صابرعرب وزير للثقافة بعد أن خدم في حكومة المجلس العسكري ثم في حكومة الاخوان المسلمين ثم في حكومة ثورة 30 يونيو (!!!) (فهو رجل لكل العصور)، مع تسليمي بأن ليس كل من عمل تحت نظام الاخوان كافرا أو خائنا لأن الجميع يعمل أساسا، في مؤسسات الدولة المصرية التي ليست ملكا للاخوان أو لمجموعة المثقفاتية الفاشلين الباحثين عن مصالحهم المادية المباشرة، ويرحبون بالتالي بكل من هو على استعداد لتلبية مطالبهم الانتفاعية.
وفي النهاية: من منهم ليس على رأسه بطحة فليرمني أنا بحجر... إذا إستطاع!  

0 comments:

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger