السبت، 10 سبتمبر 2011

جوائز مهرجان فينيسيا السينمائي: مفاجآت وتوازنات محسوبة



كالعادة جاءت نتائج الدورة الثامنة والستين من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي مفاجأة كبيرة بالنسبة لمعظم الحاضرين من النقاد والصحفيين والسينمائيين والمتابعين عن كثب لفاعليات المهرجان، خصوصا وأن التكهنات انحصرت بين عدد محدود من الأفلام كان على رأسها فيلم "مذبحة" Carnageلرومان بولانسكي الذي خرج خالي الوفاض تماما من المسابقة بعد أن ظل حتى النهاية متربعا قائمة ترشيحات نقاد "فاريتي" متفوقا على سائر الأفلام، لا أعرف لماذا في حين أنه فيلم مسرحي في المقام الأول مهما قيل عن براعة التمثيل واخراج المشاهد المسرحية المصورة فيه.
كما خرج أيضا الفيلم- التحفة "دجاج بالخوخ" الفرنسي من مولد الجوائز دون أي إشارة ولو الى السيناريو أو التصوير، وكان في رأيي يستحق الأسد الذهبي عن جدارة، لكن اللجنة التي رأسها المخرج الأمريكي دارين أرونوفسكي منحت الجائزة الكبرى للفيلم الروسي "فاوست" اخراج ألكسندر سوكوروف الذي يقدم فيه معالجة جديدة لأسطورة فاوست (جوته) بأسلوبه المعروف الذي يميل الى التعامل مع الصورة السينمائية كما لو كانت لوحة من الكانفاه المشغولة، مع المحافظة على اضاءة غامضة شبه معتمة تضفي جوا خاص من القدم على الصور والمشاهد لدرجة أنك قد تشعر، كما أشعر أنا أمام أفلامه، بأن مستوى الصورة السينمائية ضعيف، وأن الشحوب المقصود المصنوع بواسطة المرشحات التي توضع أمام العدسات، يقلل كثيرا من مستوى الرؤية بحيث تشعر العين بالارهاق، خصوصا وأن أفلامه عادة مليئة بالحركة والحوار الذي لا يتوقف أبدا، فإذا كنت تتابع أيضا ترجمة الحوار عن طريق متابعة ما يظهر من ترجمة على الشريط نفسه أو أسفله، تصبح عملية المشاهدة شاقة لغاية.
وكان هذا الأسلوب قد أتبع في فيلمه عن هتلر فيلمه الآخر عن لينين، والامبراطور هيروهيتو الياباني، وهو هنا يختتم رباعيته عن هذه الشخصيات بهذا الفيلم الذي فيه الكثير من الطرافة في رسم الشخصيات والابتكار في تصميم المشاهد لكنه أيضا فيه الكثير جدا من الافتعال!
وحصل على جائزة الأسد الفضي لأحسن مخرج، المخرج الصيني كاي تشانجشون صاحب فيلم "الناس تصعد الناس ترى" وهو الفيلم المفاجأة الذي توقعنا فوزه بجائزة أساسية، وهو حسب ما نشر، يحتوي على نصف ساعة بديعة في نهايته لكنه يتعثر في البداية ويستمر دون أي اثارة للاهتمام مدة طويلة قبل أن يتمكن المخرج من خلق عالم له خصوصيته سينمائيا. لكن الفيلم الصيني كان لابد أن يفوز في فينيسيا كما هي العادة!

وحصل على جائزة التمثيل لأحسن ممثل- كما توقع كاتب هذه السطور- الممثل مايكل فاسبندر عن دوره الهائل في الفيلم الكبير "العار" Shame البريطاني الذي كان يستحق هو نفسه جائزة الاخراج على الأقل.
وحصلت ديني اب وون من هونج كونج على جائزة أحسن ممثلة عن دورها في فيلم "حياة بسيطة" (الذؤي لم اشاهده).
وحصل فيلم "البر الأخير" Terraferma على الجائزة الخاصة للجنة التحكيم، وهو فيلم ممتاز لاشك في هذا، ويتناول موضوع الهجرة غير الشرعية الى ايطاليا بطريقة جديدة ومن خلال سيناريو منسوج ببراعة.

وفاز بجائزة أحسن سيناريو الفيلم اليوناني "الألب"، كما فاز بجائزة التصوير السينمائي الفيلم البريطاني "مرتفعات ويذرنج".
وظلم الفيلم الايطالي الجيد جدا "آخر إنسان على الأرض" الذي خرج دون اشارة، ولاشك أن الجوائز قسمت بحيث ترضي كالعادة، أكبر عدد من الأفلام المشاركة، ولعل الدهشة الوحيدة هنا لا تأتي فقط من ذهاب الأسد الذهبي لفيلم "فاوست" (وهو بالتأكيد ليس أفضل ولا أهم أفلام الرباعية الأخيرة للمخرج سوكوروف)، بل ومن غياب الأفلام الأمريكية الخمسة عن قائمة الجوائز تماما بما فيها "منتصف مارس" الذي رشحه البعض للجائزة الكبرى، ثم فيلم "جو القاتل" الذي حصل أيضا على عدد كبير من ترشيحات النقاد.
وعموما هذا شأن جوائز المهرجانات دائما التي عادة ما تعبر عن محصلة التوازنات بين سبعة أشخاص أو أكثر، هم مجموع لجنة التحكيم، وليس بالضرورة عن تقدير موضوعي حقيقي لأحسن الأفلام.
والفيلم الجيد يدخل تاريخ السينما ويحفر لنفسه مكانا فيه، أما الفيلم محدود القيمة، فسرعان ما يطويه النسيان.
إلى اللقاء في دورة قادمة.

0 comments:

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger