السبت، 19 ديسمبر 2009

فضيحة مهرجان دمشق السينمائي

كنت أتحدث مع مجموعة من الأصدقاء والزملاء على هامش مهرجان دبي السينمائي عما حدث هذا العام في مهرجان دمشق السينمائي مما أعتبرته "فضيحة المهرجان" بل وفضيحة أي مهرجان بلاشك، ففوجئت بأن بعضهم اندهش مما ذكرته، والبعض الآخر صدق على كلامي بل واضاف إليه أيضا!

وما حدث هو أن المهرجان، الذي يفخر بعرض اكثر من 260 فيلما في برامجه وأقسامه (على مدى اسبوع واحد)، يمارس نوعا من النصب والاحتيال والتضليل المباشر من خلال الأخبار التي ينشرها في وسائل الإعلام عن تلك البرامج الدسمة مثل أقسام تعرض فيها عشرات الأفلام مخصصة للاحتفاء بممثلين وسينمائيين من أمثال مارلين مونرو، آلان ديلون، سيرجي أيزنشتين، فيديريكو فيلليني، شارلي شابلن، سيدني بولاك، فريتز لانج، ستانلي كوبريك، نيكيتا ميخالكوف، بالاضافة إلى "اختراعات" أخرى مضحكة مثل: سينما الحب، قصائد الشجن، أنجليك في السينما، سينما القارات الخمس، أفلام الجوائز الكبرى.. وغير ذلك من"الابتكارات" و"التفانين" التي توحي بأننا أمام "مدرسة" لتعليم التذوق السينمائي في سبعة أيام، هذا بالطبع اذا تمكن أي متابع من متابعة هذه الأفلام كلها، أو اذا توفر من يقدم لها شروحا ويسلط الأضواء التاريخية والفنية عليها، وبدون ذلك لا تكون لها فائدة، فمن الذي سيهتم من الشباب الجديد الذي يغشى مهرجان دمشق بأفلام فريتز لانج أو نيكيتا ميخالكوف بينما اهتمامهم الحقيقي ينصب عادة على جديد السينما السورية وأفلام المسابقة!

لكن الفضيحة تتمثل فيما كشف عنه الستار، بعد بحث دقيق قام به صديق لي في دمشق، من أن كل هذه الأفلام تعرض- اذا كانت قد عرضت كلها أصلا وهو ما نشك فيه- على اسطوانات مدمجة DVDs وهي اسطوانات مخصصة أساسا للعروض المنزلية، ومن غير المسموح أن تعرض عروضا عامة، ناهيك عن أن تعرض من خلال مهرجانات تقول عن نفسها إنها "دولية"، وإنها تحظى باعتراف دولي، فماذا يمكن أن يفعل اتحاد المنتجين الذي يمنح صفة "الدولية" للمهرجانات اذا ما علم بتلك الفضيحة.
والطريف أيضا أن المسؤول عن إدارة المهرجان لم يكلف نفسه، كما أخبرني صديقي، شراء تلك الاسطوانات من مصادرها الطبيعية في أوروبا كما كنا نعتقد، بل اشتراها من على أرصفة دمشق في نسخ "مضروبة" أي مزورة تباع النسخة منها بنصف دولار.
بهذا ياعزيزي القاريء، يضرب مهرجان دمشق السينمائي لنا مثالا في كيفية تنظيم مهرجان سينمائي، فقد أصبح بوسع كل من يمتلك مجموعة من الاسطوانات الالكترونية المدمجة للأفلام، أصلية كانت أم مضروبة، تنظيم مهرجان سينمائي دولي في منزله لعدد من أصدقائه، ومن حقه في هذه الحالة أيضا أن يمنح جوائز، وأن يدعو بعض أصدقائه من النقاد خصوصا لو كانوا من النوع الذي يتغاضى عن مثل هذه التفاصيل الصغيرة.. ولعلمكم جميعا، سأكون أول من ينظم مهرجانا دوليا كبيرا في منزلي في أول فرصة.. يعرض أكثر من الف فيلم.. أي أكثر من كل ما تعرضه المهرجانات "الدولية" العربية مجتمعة.. ولكن يجب أن أقول إن الفرق هو أنني سأعرض نسخا "أصلية" على الأقل، والأصلي يكسب!

0 comments:

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger