الجمعة، 27 مارس 2009

نساء وودي ألين حسب مزاجه الشخصي!

أعترف بداية أنني لم أعجب على الإطلاق بفيلم وودي ألين (73 سنة) الأخير الذي يحمل اسما سخيفا للغاية هو "فيكي كريستينا برشلونة" Vicky Cristina Barcelona.
وودي ألين الذي يخرج فيلما كل تسعة أشهر تقريبا منذ أكثر من ثلاثين عاما، لا يتمكن دائما من العثور على موضوع جيد يثير الخيال والفكر، فهو يبدو مدفوعا بنوع من الهاجس الشخصي العنيف لإخراج الأفلام، بل ويخرج أحيانا أكثر من فيلم في العام الواحد، كما لو كان الإخراج السينمائي يتيح له فرصة التنفيس عن مشاعره المكبوتة الكائنة تحت السطح، أو كنوع من "العلاج" النفسي.
في حالة فيلمنا هذا، الذي أعجب البعض من عشاق وودي ألين، يمكن القول إنه لم يوفق أساسا في بناء الموضوع في حين أن الفكرة نفسها طريفة بل ومبتكرة.
ما هي الفكرة؟ الحب والجنس.. أو بالأحرى، العلاقة بين الرجل والمرأة، ولكن من خلال المقارنة بين ثقافتين يراهما مختلفتين تماما: الثقافة الأمريكية (الأنجلو ساكسونية عموما) والثقافة الإسبانية- اللاتينية: الأولى يراها باردة لا تحوي الكثير من المشاعر، وعادة ما تنتهي العلاقات بين الجنسين فيها بشكل مفاجيء وغير مفهوم بعد أن تستنفذ أغراضها التي تتمثل في الانجذاب نحو الغرابة والطرافة والجموح. أما الثانية فهي مشتعلة بالمشاعر الجامحة التي قد تصل حد الق أو الانتحار ولا تنتهي العلاقات فيها حتى بعد الفراق الحتمي بل تمتد وقد تصل إلى ذروتها الدرامية العنيفة أيضا.
هنا نحن أمام ثلاث شخصيات رئيسية: فتاتان هما سكارليت جوهانسون وربيكا هول، ورجل هو الممثل الاسباني خافيير بارديم. الفتاتان الأمريكيتان تزوران مدينة برشلونة في رحلة مظهرها سياحي وجوهرها البحث عن التحقق أو التحرر والانطلاق بعيدا عن برودة الحياة وما يكتنفها من احباطات. أما الرجل فهو رسام إسباني بوهيمي يكاد يكون مدفوعا بقوة خفية إلى إغواء النساء، كل النساء. وهو يتمكن من إقامة علاقة مع كل من الفتاتين، ثم تظهر زوجته السابقة: بنيلوب كروز، التي نجت أخيرا من محاولة انتحار بسبب عدم استطاعتها البقاء بعيدة عنه، وتفرض نفسها عليه وعلى صديقته الجديدة. ويقبل هو بالعيش المشترك مع الاثنتين، بكل ما تكتنفه من توتر وهياج عصبي وتكاد تنتهي بجريمة قتل عندما تطلق طليقته النار عليه بسبب احساسها بالغيرة.
وليس من المفيد هنا الاستطراد في رواية أحداث الفيلم لأن الفكرة الرئيسية التي تسيطر على وودي ألين واضحة، وهي تتجسد كالعادة من خلال المقارنة بين الشخصيات، والحوارات الطويلة المجهدة التي تفتقد هنا بالمناسبة، إلى أي نوع من خفة الظل، بل إنني وجدت أيضا أن شخصية خافيير بارديم شخصية تدعو للنفور، ولم أفهم كيف تولع فتاتان على كل هذه الدرجة من الجمال بهذا الشخص الذي يمكنك أن تشم رائحته وأنت تتفرج على الفيلم!
لكن هكذا يشاء وودي ألين، بل إنه يجعل إحدى الفتاتين تتزوج من خطيبها الأمريكي في برشلونة ثم تخدعه وهي لاتزال في بداية شهر العسل، وتخونه مع باديم الذي تجد أن سحره لا يقاوم حقا!
أعترف أن نظرة وودي ألين للمرأة في هذا الفيلم أزعجتني كثيرا، فالنساء الثلاث يغرمن بالأخ بارديم بدرجة مثيرة للدهشة، وتبديان على استعداد للمضي قدما في العلاقة معه حتى النهاية الدموية، وإن كانت إحداهن تنهي علاقتها معه بدون مبرر، ربما بعد أن تكون قد شبعت من التجربة، أما الثانية التي يتخلص منها هو بعد الليلة الوحيدة التي يقضيها معها في البداية، فتعود إليه مشدودة بسحر التجربة مع الغريب، أو لخوض ما لا تستطيع تجربته مع زوجها!
وبصراحة شديدة، فقد رأيت أن نظرة وودي ألين للمرأة في فيلمه هذا نظرة تحمل الكثير من الازدراء وتجعلها تبدو مثل الحيوان الذي ينجذب إلى الجنس فقط من أجل الجنس بعيدا عن أي مشاعر، وعندما توجد هذه المشاعر (في حالة بنيلوب كروز) فإنها تصل إلى حافة الهاوية وتصبح شديدة التدمير.
والخلاصة أن وودي ألين في فيلمه هذا يستدعي من خياله الشخصي عن المرأة ويفصل منه حسب مزاجه الشخصي، ربما تعبيرا عن انتقامه الخاص من المرأة التي سببت له الكثير من المتاعب في حياته، وربما أيضا تعبيرا عن تجربته الشخصية مع عشرات النساء بعد أن أصبح "فنانا" مرموقا تسعى إليه الممثلات.. لكي يدفعهن إلى طريق الحصول على جوائز العم أوسكار.
وبصراحة أيضا لا أجد أن أداء بنيلوب كروز (وأنا من المعجبين بها تاريخيا) يستحق أصلا الترشح للأوسكار ناهيك عن حصولها على جائزة أحسن ممثلة، فهو أداء "نمطي" للمرأة العصبية يمتلئ بالمبالغات والصياح والاكثار من تحريك اليدين. ولكن الدنيا حظوظ.. ولاشك أن حظ وودي ألين مع النساء أكبر كثيرا من حظي!

1 comments:

غير معرف يقول...

سلام عليكم
بداية تحية للرؤية الرائعة
وودي الان من المخرجين الغير محبين بالنسبة لي على الإطلاق


اتفق معك في اغلب النقاط ماعدا نقطة واحدة لو تسمح لي
سبب انجذاب البطلات لهافيير بردام
نحن كرجال لا نرى ما تراه النساء في الرجل ولا نشعر بأسباب الانجذاب مطلقا
والأمر بالعكس بالنسبة للمرأة عندما تعطي رأيها أو تستغرب من انجذاب الرجال لممثلة أو مطربة أو اي شخصية كانت

اعتقد أنها نظرات وأحاسيس لا يشعر بها نفس الجنس الواحد


لم اشعر بأي سبب لفوز بنلوبي بالتمثال الأقرع و قد شاهدت الفيلم قبل حفل توزيع الجوائز بأسبوع أو أكثر

كانت جيدة بعض الشيء في المشهد العصبي عندما قررت سكارليت الرحيل

رغم عدم اتفاقي مع نقاط كثيرة وأفكار كثيرة في الفيلم ربما وصلت معي لحد الاشمئزاز و لكنه كان رحلة جميلة في أحضان سحر اسباني وعبق تاريخي أثار في نفسي انجذاب بوجه عام لهذا العمل
و بخاصة الموسيقى التصويرية الرائعة التي اعتبرها أفضل ما في الفيلم

أشكرك و سعيد بمروري في مدونتك الجميلة

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger