السبت، 13 سبتمبر 2008

الملصق الثوري لفيلم "المدمرة بوتيمكين"

نشرت صحيفة "الجارديان" للمرة الأولى صورة بالألوان من الملصق الأصلي للفيلم السوفيتي العظيم "المدمرة بوتيمكين" للسينمائي الرائد سيرجي أيزنشتاين. والملصق من تصميم الشقيقين جيورجي وفلاديمير شتاينبرج، وكانا من المتخصصين في تصميم الملصقات في بدايات السينما في روسيا. وقد انضما إلى جماعة من الفنانين التجريبيين الذين كانوا يجربون في إطار المدرسة الشكلانية الروسية التي كانت تعتمد على التركيب والتجميع (ينتمي إليها بلا شك رائد التجريب في السينما العالمية كوليشوف). ويتضح في ملصق "بوتيمكين" قوة وجاذبية الصورة السينمائية من خلال استخدام أو ابراز الملصق للغة البصرية والمونتاج واللقطة القريبة (كلوز أب). إنهما يقومان بترتيب هذه العناصر الثلاثة بعد أن يبالغا في تجسيد المنظور لإبراز فكرة الصراع الطبقي كما أراد ابزنشتاين تجسيدها في فيلمه. ولا ننسى أن الفيلم يستخدم التمرد الذي وقع على متن سفينة حربية روسية منجانب بحارتها ضد الضباط، بسبب سوء المعاملة، فما كان من قيادتها إلا أن أمرت باطلاق النار عليهم جميعا. وفي الفيلم مشهد لا ينسى عندما يحاول الضباط إلقاء مشمع أبيض على أجساد البحارة بعد أن حصروهم في ركن من أركان السفينة، في محاولة لتغطيتهم به تمهيدا لاطلاق النار عليهم، في مقابلة واضحة مع لقطة ذبح الثور في المذبح. وكأن البحارة "مادة بشرية" متوحدة يمكن القضاء عليها مرة واحدة. ومن أعظم مشاهد الفيلم مشهد سلالم مدينة أوديسا الذي يستغرق وقتا أطول كثيرا مما يستغرقه الحدث نفسه في الواقع، مع استخدام الانتقال بين اللقطات بالقطع لتحقيق أكبر شحنة عاطفية منه: هناك مثلا لقطة المربية التي تدفع عربة فيها طفل ثم مع الفوضى والاضطراب الذي ينشأ مع بدء اطلاق جنود القوزاق النار على المتظاهرين، تفلت العربة من يدها وتتدحرج على السلم وفي داخلها الطفل الرضيع. وينتقل المخرج من هذه اللقطة إلى الأم الملتاعة، إلى الجنود وهم يطلقون النار، إلى الأجساد التي تسقط فوق السلالم. ويهبط بالكاميرا تدريجيا مع الذين يهبطون، ثم يصور من زوايا مرتفعة ما يجري على السلالم. ويستخدم اللقطات القريبة (كلوز اب) لتقديم نماذج متباينة من الأشخاص المرعوبين ولا ننسى اللقطة القريبة جدا الشهيرة لوجه الأم وهي تسقط بعد اصابتها بالرصاص. لقطة من مشهد سلالم أوديسا الشهير في الفيلم

ولعلنا نتذكر كيف استفاد المخرج الأمريكي الشهير بريان دي بالما من هذا الأسلوب المميز لايزنشتاين وقدم محاكاة للمشهد في فيلمه "غير القابلين للرشوة" The Untouchable - الذي قام ببطولته شون كونري وكيفن كوستنر عام 1987.
هنا، في الملصق الذي نراه، نستطيع أن نرصد ثلاثة عناصر: الضابط الذي نراه ملقى فوق سطح السفينة، أو المدمرة، والبحار الذي يعبر بثقة عن الزهو والانتصار وهو يقف بثقة فوق مقدمة المدفع الذي يرمز إلى القوة الجديدة القادمة. ولا ننس أن أيزنشتاين أنهى فيلمه بانتصار البحارة على عكس ما حدث في الواقع، فقد كانت أحداث بوتيمكين من ضمن أحداث ثورة 1905 الروسية التي فشلت، لكنها اعتبرت مقدمة للثورة البلشفية الكبرى عام 1917. وفي عام 1925 أي بعد مرور 20 عاما على ثورة البحارة على متن بوتمكين، صنع ايزنشتاين تحفته الكلاسيكية التي ظلت صامدة للزمن.

شاهد بالفيديو هذا المقطع من سلالم أوديسا

0 comments:

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger