الاثنين، 4 أغسطس 2008

من مخزن الذاكرة



نقاد سعداء من زمن آخر

هنا من مخزن الذاكرة البصرية صورتان يظهر فيهما عدد من النقاد العرب من بينهم كاتب هذه السطور، في عصر آخر وزمن ولى.
كانت هناك وقتذاك في أوائل التسعينيات، ألفة ومودة. كنا نختلف، لكننا كنا نترابط ونحافظ على التعامل ويسود الاحترام والود بيننا بشكل عام بغض النظر عن الخلافات في المواقف والآراء.
أنظر إلى الصورة الأولى التي يظهر فيه معي (من اليمين إلى اليسار) الناقد اللبناني محمد سويد، والناقد السوري قصي صالح الدرويش، ثم الناقد اللبناني محمد رضا، والسعادة تحلق على وجوه الجميع.. وكنا وقتها خارجين من مقر قسم "نصف شهر المخرجين" بمهرجان كان السينمائي (1992). وجاءت لي فكرة اتقاط صورة لنا جميعا وأظن أن الذي التقط الصورة كان المرحوم الصديق الراحل غسان عبد الخالق الذي فارقنا ذات يوم قبل 4 سنوات فجأة وعلى غير موعد.. ولقي ربه. وكان غسان من أكثر الشخصيات ثقافة وتواضعا وصدقا مع النفس.
ولكن ما الذي حدث اليوم؟ لم يعد أحد يعرف تقريبا ماذا يجري للآخر. محمد رضا يعيش في الضفة الأخرى من الأطلسي، في الولايات المتحدة، لكن هناك بيننا شبه صلة (اليكترونية غالبا) على فترات متباعدة. ويبدو أن محمد سويد انشغل في كتابة السيناريوهات والإخراج وهو مستقر منذ سنوات طويلة في بيروت لا يغادرها.
أما قصي درويش فقد توقفت صفحته السينمائية في جريدة "الشرق الأوسط" ثم توقفت مجلته (سينما) ولم يعد على ما يبدو يظهر إلا في مهرجان كان وحيدا بعد أن كان يأتي وبصحبته لفيف من الأصدقاء والزملاء الذين أعاقهم ارتفاع سعر العملية الأوروبية (اليورو) عن الذهاب، لكني شخصيا هجرت كان، ليس بسبب اليورو أو الدولار، ولكن بسبب الرغبة في الابتعاد عن الضجيج الزائف وأصبحت أفضل الذهاب إلى فينيسيا لكي أتفادى أجواء "كان" التي تعج بها بالمهووسين بأنفسهم وباستعراض انجازاتهم الكبيرة الوهمية على رمال الصحراء العربية!
أما الصورة الثانية فالتقطت اثناء حفل غذاء أقامه رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الراحل سعد الدين وهبة تكريما للنقاد العرب الذين كانوا يحضرون دورة عام 1993. وكانت تلك المرة الثانية والأخيرة التي أشارك فيها بدعوة من المهرجان، بعد ذلك لم أعد في حاجة إلى أي دعوة وأصبح الود مفقودا بيني وبين هذا المهرجان الذي تدهورت صورته كثيرا وأصبح مدعاة للخجل أكثر بكثير مما هو مدعاة للفخر، على الأقل أمام نقاد العالم ومثقفيه. وربما أروي قصتي مع مهرجان القاهرة بتفاصيلها الداخلية فيما بعد.
أما الصورة فيظهر فيها من اليمين إلى اليسار: أمير العمري (في زمن التدخين الذي ولى) ثم ماجدة واصف المشغولة بالطبع باجراء مباحثاتها مع سعد الدين وهبة، ثم الناقد العراقي عرفان رشيد، ثم محمد رضا، ثم الناقد ابراهيم العريس الذي يتحدث إلى درريش برجاوي (صحفي لبناني صديق يعمل في الصحافة الكويتية لم أره منذ سنوات طويلة) ثم الناقد التونسي الكبير عبد الكريم قابوس الذي انقطعت أخباره أيضا تماما منذ سنوات بعيدة ولعل الصديق خميس الخياطي يقول لنا أين هو الآن، وأخيرا الناقد الليبي رمضان سليم الذي كان يحضر إلى القاهرة في تلك السنوات بالطريق البري بين مصر وليبيا ويتحمل مشاق هائلة خلال ذلك كما كان يروي لنا بسبب الحصار الجوي الذي كان مفروضا على ليبيا.. لا أعرف من اجل أي شئ في هذا المهرجان، ربما من أجل التواصل مع النقاد الأصدقاء قبل أن يتحولوا إلى الإخوة الأعداء!
وآمل من نشر هذه الصور أن تلعب دورا ولو صغيرا، في رأب ما حدث من صدع، وأن ترطب بعض الأجواء المشتعلة ولو على الصعيد النفسي، وأن يتطلع إليها الجميع بحنين وشوق ويلعنوا الواقع الحالي المزري!

0 comments:

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger