الخميس، 28 أغسطس 2008

يوميات مهرجان فينيسيا 2


تكريم أولمي والسينما على طريقة منتخبات كرة القدم



هذه الدورة من المهرجان مهداة إلى الراحل الكبير يوسف شاهين. حفل الافتتاح تميز بالبساطة والبعد عن الشكليات.. الرقص والاستعرض السخيف على المسرح على نحو ما تفعل بعض المهرجانات السينمائية الفولكولورية العربية لاخفاء ضعفها في السينما.
قبل فترة قصيرة سألني صديق عزيز عن فيلم شاعري يفيض بالمشاعر من تلك الأفلام التي أطلق عليها أفلاما سماوية أرشحه له لكي يشاهده.
فكرت قليلا ثم سألته: هل شاهدة فيلم "اسطورة السكير المقدس" The Legend of the Holly Drinker لإيرمانو أولمي؟ قال إنه لم يسمع عنه أصلا.
هذا الفيلم العظيم يعود إلى عام 1993. وقد أخرجه المخرج الايطالي "الكبير" – وأنا في الحقيقة لا أستطيع أن أكتفي بوصفه كمخرج سينمائي وإلا لأصبحنا نقول مثلا المخرج صلاح أبو سيف، والمخرج برتولوتشي، والمخرج أحمد رشوان باعتباره انتهى أخيرا من إخراج فيلمه الروائي الأول، وبالتالي لأصبح كلهم مخرجين دون أي تفرقة أو تمييز، علما بأن وصف الكبير، والمعلم، والعظيم موجود في اللغة الانجليزية التي لا يعترف البعض إلا بما يكتب في مطبوعاتها وخصوصا مجلة "فاريتي" التي يعتبرها هذا البعض المرجع الرئيسي لهم. فهذه المجلات تستخدم أوصافا من نوع the great و the legendary و the master في مجال وصفهم لكيروساوا وبيرجمان وجودار وكوبريك مثلا.
أعود إلى الكبير أولمي لأقول إنه كان دائما مخرجا كاثوليكا ممسكا بالمبادئ الدينية دون أن يعني هذا في أي شكل من الأشكال، أنه مخرج تقليدي أو متزمت أو رجعي أو حتى محافظ.. بل هو مخرج مجدد منذ ظهوره.
وقد كان من دواعي سروري الشخصي أن أكتشف أن مهرجان فينيسيا هذا العام كرم هذا السينمائي الايطالي الفذ بأن منحه جائزة الأسد الذهبي عن مجمل انجازه السينمائي.
وقد عرض المهرجان فيلم "أسطورة السكير المقدس" تحية إلى هذا السينمائي العظيم.
وليت صيقي كان معي لمشاهدته لأنه لم يجده على اسطوانات دي في دي فلايزال الفيلم غير متوفر في بريطانيا عن طريق هذه الوسيلة.
طبعا أولمي هو الشخصية الوحيدة المكرمة هنا. وكان من الممكن أن تكون الشخصية السينمائية التي تحظى بالتكريم شخصية غير ايطالية.
لكن المهم انهم هنا لا يلجأون إلى التكريم بالجملة على شاكلة مهرجاناتنا التي أصبحت تكرم حتى ممثلي الدرجة الثانية والثالثة، بدعوى أنهم قدموا الكثير للسينما عبر سنوات عمل طويلة.
وأنا شخصيا لا أجد أن تقديم الكثير من الأفلام التافهة أمرا يستحق التكريم، وإلا لكنا نحتفي بالتفاهة. ولكن قد يسأل سائل عن حق: ولكن أليست التفاهة هي الشعار السائد في حياتنا الآن؟
فالذين يتكلمون عن السينما في محطات التليفزيون المحلية والأرضية والفضائية يغلب عليهم طابع "الأمية" الثقافية. لقد درسوا في جامعات لم تعد تعلم شيئا، وتدربوا على "الكلام" في السينما على طريقة الكلام في كرة القدم. فأنت مثلا مطلوب منك كناقد ليس الاحتفاء بالفيلم الجيد، بل بالفيلم الذي يخرج من بلدك إلى أي مهرجان دولي، كقضية مقدسة، كما لو كان الفيلم المصري يمثل مصر ولا يمثل صاحبه الذي صنعه مثلا!
وطبقا لهذا المنطق أصبح مطلوبا "تشجيع" حتى الأفلام الرديئة كما لوكنا نشجع "المنتخب"!
والموضوع له شجون وإلى اللقاء غدا!

1 comments:

غير معرف يقول...

ليتني كنت هناك بالفعل يا أستاذ أمير أشاهد الفيلم معك وبعدها أسمع رأيك فيه...
لكن للأسف أنا هنا في مكاني أقرأ مدونتك "الحميمة".. وللأسف مطلوب منك تشجيع فيلم بلدك ولو كان رديئا.. وللأسف لو فعلت غير ذلك فأنت متهم بالاساءة لـ"سمعة" مصر... وللأسف أن نقاد السينما من أصحاب الحظوة والتشجيع الاعلامي هم من مروجي أفلام "الهامبرجر" و"ماكدونالدز".. أفلام على شاكلة: "تزوجني لليلة واحدة" ، "الحمار والكلب وصاحبهم" ، "مغامرات الحمار أبو زلومة والفيل العبيط"...!!
وللأسف نحن نعيش في زمان رديء حيث مجتمعنا الرديء يستمتع بالانحطاط الى الأسوأ وحيث "الحفاة العراة يتطاولون في البنيان" وفي الثقافة!!

جميع الحقوق محفوظة ولا يسمح بإعادة النشر إلا بعد الحصول على إذن خاص من ناشر المدونة - أمير العمري 2020- 2008
للاتصال بريد الكتروني:
amarcord222@gmail.com

Powered By Blogger